جوهرا مدبره والمشار إليه في الأمور وتنفيذها بين يديه ، ونزل إلى السرداب الذي اتخذه ، وأقام فيه سنة ، فكانت المغاربة إذا رأوا غماما سائرا ترجلوا الى الأرض وأوموا إليه بالسلام بقدر ذاك ، ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس ، فدخلوا إليه على طبقاتهم وخدموه بأدعيتهم وما أقام على هذه الحال الّا مديدة واعتل علته التي قضى فيها نحبه (١).
وقام العزيز بالله في منصبه ، وقد كان ألفتكين [بدمشق](٢) والقرامطة يكاتبونه بأنهم قاصدون الشام إلى أن وافوا الى دمشق في سنة خمس وستين وثلاثمائة ، وكان الذي وافى منهم اسحق وكسرى وجعفر ، فنزلوا على ظاهر دمشق نحو الشماسية ، ووافى معهم كثير من العجم ، وأكرمهم ألفتكين ، وحمل إليهم الميرة ، وخرج نحوهم ، وأقاموا على دمشق أياما ورحلوا متوجهين الى الرملة ، وكان أبو محمود ابراهيم بن جعفر لما عرف خبرهم تحصن بيافا ، فلما نزلوا الرملة شرعوا في القتال ، ولما أمن ألفتكين من ناحية مصر والرملة عمل على أخذ ثغور الساحل ، وسا فيمن اجتمع إليه ، ونزل صيدا فكان بها ابن الشيخ واليا ومعه رؤوس من المغاربة ، ومعهم ظالم بن موهوب العقيلي الذي تقدم
__________________
(١) فكرة الغيبة في هذه الرواية مقبولة ، بصرف النظر عما أحاط بها هنا من أخبار ، وفكرة الغيبة موجودة لدى معظم فرق الشيعة ، فالكيسانية اعتقدوا بغيبة محمد بن الحنفية ، وبعدهم رأى الاثنا عشرية وما زالوا يرون أن الامام الثاني عشر تغيب في غار في سامراء وأنه مهدي الزمان وسيظهر عندما يحين الوقت ، وكذلك اعتقد الدروز بغيبة الحاكم بأمر الله ، والجديد المختلف في غيبة المعز هنا ان غيبته كانت محدودة المدة محدودة الهدف ، وهي هنا مرتبطة بمكانة الامام الدينية لدى الاسماعيلية وبما ورد في القرآن الكريم عن غيبة النبي موسى عليهالسلام ، هذا ومفيد أن نشير هنا أن يحيى بن سعيد الأنطاكي : ١٤٦ ، ذكر أن وفاة المعز كتمت مدة ثمانية أشهر.
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق ويتضح المعنى ، فالقرامطة كاتبوا ألفتكين «بأنهم قاصدون الشام» ، ولم يقوموا لا هم ولا ألفتكين بالكتابة للعزيز الفاطمي.