وقيل جاء إبراهيم بريهة إلى غسان يشكو إليه ضعف حاله ، وكثرة ديونه ، وطلب منه أن يرفع استعطافه إلى الخليفة (المأمون) فسأله غسان عن مبلغ ديونه ، فقال : (إنّها مائة وثلاثون ألف درهم) ولمّا أراد إبراهيم الانصراف ، قال له غسان : لنتغدّى سويّة ، ثمّ أمر غسان بإرسال المبلغ إلى دار ابن بريهة حالا ، وبدون علم ابن بريهة ، ولمّا ذهب ابن بريهة إلى داره وجد المبلغ فيه.
وفي اليوم الثاني ، ذهب غسان إلى المأمون ، وعرض عليه طلب ابن بريهة ، فقال له المأمون : (قد بلغني ما فعلت أمس ، فوصلك الله بصلتك ، فأنت والله إذا تكلّم نفع كلامه ، وإذا سكت حسن سكوته ، قد أمرنا بقضاء دينه ، والزيادة في أرزاقه) (١).
ودخل أبو حفص الكرماني ذات يوم على المأمون فقال : يا أمير المؤمنين : أتأذن لي في المداعبة؟
فقال المأمون : وهل يحلو العيش إلّا بها؟
فقال الكرماني : (يا أمير المؤمنين ، لقد ظلمتني ، وظلمت غسان بن عباد.
فقال المأمون : ويلك ، وكيف ذلك؟ فقال الكرماني : رفعت غسان فوق قدره ، ووضعتني دون قدري ، إلّا أنّك لغسان أشدّ ظلما. فقال المأمون : وكيف؟ قال الكرماني : لأنك أقمته مقام هزوء ، وأقمتني مقام رحمة. فقال له المأمون : قاتلك الله ما أهجاك!! (٢)
وقال يحيى بن غسان : أيعاقب غسان باقتصاده في ملبسه ، فقال
__________________
(١) ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات. ص ٨٣.
(٢) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج ٦ / ٦٩ وج ٩ / ١٧٨.