ما كان منّي ذلك نظرا ، ولا نصيحة ، ولكني أنفت لرجل (١) من قريش أن تداس أمّه في كل وقت) (٢).
وكان عبد الملك بن بشر جوادا كريما حتّى قال فيه الشاعر : (٣)
جئت بشرا زائرا ووجدته والله سمحا |
|
وقصدته متعمدا ليلا فما أصبحت صبحا |
حتى رأيت نواعما يدلجن بالبدات دلجا |
|
فلبست ثوبا للغنى وطويت للإفلاس كشحا |
وعند ما جمعت ولاية (العراقين) وخراسان لمسلمة بن عبد الملك سنة (١٠٢) للهجرة ، جعل عبد الملك بن بشر أميرا على البصرة. (٤)
ولمّا قتل زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب بالكوفة سنة (١٢١) (٥) للهجرة وصلب جسده بالكناسة (٦) في إمارة يوسف بن عمر ، ذهب رجل من بني أسد إلى يحيى بن زيد بن عليّ وقال له : قد قتل أبوك ، وأهل خراسان لكم شيعة فالرأي عندي أن تذهب اليها ، فقال له يحيى : وكيف أذهب وجواسيس يوسف بن عمر تلاحقني؟ فقال له ذلك الرجل : تختفي لعدة أيّام حتّى يكف عنك الطلب ثمّ تخرج. ثمّ ذهب ذلك الرجل إلى عبد الملك بن بشر بن مروان وقال له : إنّ زيد بن عليّ قريبك وحقّه واجب عليك وهذا أبنه يحيى (وهو حدث) فإذا سمع به يوسف بن عمر فسوف يقتله وهو لا ذنب له ، لذا أرى أن تأويه لعدّة أيّام حتّى تهدأ الأمور. فقال
__________________
(١) الرجل : هو عبد الملك بن بشر.
(٢) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٠ / ٣٦٨.
(٣) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ٣٦.
(٤) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٨٩. وتاريخ الطبري ج ٦ / ٦٠٥.
(٥) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ١٣٦.
(٦) الكناسة : أسم محلة مشهورة في الكوفة. ابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٢٧٢.