جاء الوليد بن عبد الملك إلى الخلافة ، أقرهم على عملهم ، كما وأقرّ كافة أمراء الحجّاج على أعمالهم). (١)
وقال الوليد بن عبد الملك يوما : (مثلي ومثل الحجّاج وابن أبي مسلم كرجل ضاع منه درهم فوجد دينارا). (٢) وقال الوليد أيضا : (كان عبد الملك يقول : الحجّاج ما بين عيني وأنفي ، وأنا أقول إنّه جلدة وجهي كلّه). (٣)
وبعد ما مات الوليد بن عبد الملك ، وجاء بعده أخوه سليمان ، عزل يزيد بن أبي مسلم عن إمارة الكوفة سنة (٩٦) للهجرة ، وجيء به إلى سليمان وفي عنقه (جامعة) (٤) فنظر إليه سليمان (شزرا) وقال له : (أنت يزيد ابن أبي مسلم)؟ فقال يزيد : نعم ، أصلح الله أمير المؤمنين. فقال سليمان : لعن الله من أشركك في أمانته ، وحكمك في دينه. فقال له ابن أبي مسلم : لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين ، فإنّك قد رأيتني والأمور عنّي مدبّرة ، ولو رأيتني والأمور عليّ مقبلة ، لاستعظمت ما استصغرت ، ولاستجللت ما احتقرت). (٥) فقال له سليمان : صدقت ، فاجلس لا أمّ لك. فسأله سليمان قائلا : أترى صاحبك الحجّاج ، لا زال يهوي في نار جهنّم ، أم استقر في قعرها؟ فقال يزيد : لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين ، فإنّ الحجّاج عادى عدوّكم ، ووإلى وليّكم ، وبذل مهجته لكم ، فهو في يوم القيامة عن يمين أبيك عبد الملك ، وعن يسار أخيك الوليد ، فاجعله حيث أحببت). (٦) فقال سليمان : قاتله الله ، فما أوفاه لصاحبه ، اذا اصطنعت الرجال فلتضع مثل هذا. فقال
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ٢٩٠.
(٢) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٦ / ٣٠٩. والجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٢٩٢.
(٣) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٥ / ٥٥.
(٤) الجامعة : سلسلة من حديد.
(٥) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٣٩٥.
(٦) الشريف المرتضى ـ غرر الفوائد. ج ١ / ٢٩٥ وابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٢ / ١٧٤.