وقيل : لما سمع المغيرة بن شعبة بأن عبد الله بن عمرو قد تعيّن أميرا على الكوفة ذهب إلى معاوية في الشام وقال له : (استعملت عبد الله بن عمرو على الكوفة وأباه على مصر فتكون أنت بين فكّي الأسد) ، فعزله معاوية واستعمل بدله المغيرة بن شعبة. (١)
ثمّ سمع عمرو بن العاص بما قال المغيرة لمعاوية ، فذهب إلى معاوية وقال له هل استعملت المغيرة على الكوفة؟ فقال معاوية : نعم. فقال عمرو : وجعلته على الخراج أيضا؟ فقال معاوية : نعم. فقال عمرو : (تستعمل المغيرة على الخراج فيختال المال ، فيذهب فلا تستطيع أن تأخذ منه شيئا ، استعمل على الخراج من يخافك ويهابك ويتّقيك). فعزل المغيرة عن الخراج ، وولّاه على الصلاة فقط. وبعد عدة أيّام تلاقيا عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فقال عمرو للمغيرة : (أنت الّذي أشرت على أمير المؤمنين في عبد الله).
قال : نعم ، فقال عمرو : (خذها فهذه بتلك). (٢)
أسلم عبد الله قبل إسلام أبيه وكان كثير العلم وقد روى الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال أبو هريرة : (ما كان أحد مني أكثر حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب). (٣) وهاجر هو وأبوه إلى المدينة المنورة قبل فتح مكّة ، وكان أبوه أكبر منه بأحد عشر سنة فقط ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يفضله على أبيه عمرو بن العاص. (٤)
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٥ / ١٦٦.
(٢) أي واحدة بواحدة حسب المثل المشهور.
(٣) النووي ـ تهذيب الأسماء واللغات. ج ١ / ٢٨١.
(٤) الذهبي ـ تذكرة الحفاظ. ج ١ / ٤٢. والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلاميّ. ج ١ / ٥٠١.