مصالحتي معاوية ، علّة مصالحة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبني ضمرة ، وبني أشجع ، ولأهل مكّة ، حين انصرف من الحديبية ، أولئك كفّار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفّار بالتأويل) (١).
وبعد الصلح بأيّام غادر الإمام الحسن عليهالسلام" الكوفة" قاصدا مدينة جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعند ما وصل إلى" دير هند" في الحيرة ، نظر إلى الكوفة نظرة مودّع فقال (٢) :
ولا عن قلى فارقت دار معاشري |
|
هم المانعون حوزتي وذماري |
ورجع الإمام الحسن عليهالسلام إلى المدينة ، وبقي إلى قبر جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تحيط به الصحابة الكرام ، وآله الطاهرون ، أمّا معاوية بن أبي سفيان ، فلم يهدأ له بال ، ولم تقرّ له عينا ، مادام الحسن حيّا ، فقد حاول عدّة مرّات أن يسمّه ولكن الإمام كان ينجو من ذلك.
وذهب معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة ، ليدعو أهلها لمبايعة ابنه" يزيد" بالخلافة ، فرفض أهل المدينة طلبه ، وذلك لوجود الإمام الحسن عليهالسلام بين ظهرانيهم وكرههم ليزيد ، فكان لا بدّ لمعاوية أن يتخلص من الإمام الحسن عليهالسلام بأيّة طريقة كانت ، فلجأ إلى ملك الروم ، وطلب منه أن يرسل له سمّا سريع التأثير ، فأجابه ملك الروم : (أنّه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا) (٣).
فكتب إليه معاوية" ثانية" وطلب منه إرسال السمّ" بعد أن أبدى له مشروعيته" فأرسل له السمّ ، وأرسل معاوية السمّ بيد مروان بن الحكم إلى
__________________
(١) باقر القرشي ـ حياة الإمام الحسن بن علي ، ج ٢ / ٢٧٤.
(٢) ابن أبي الحديد ـ شرح نهج البلاغة. ج ٤ / ٦ وراضي آل ياسين ـ صلح الحسن ص ٢٨٩ وباقر القرشي ـ حياة الإمام الحسن بن عليّ. ج ٢ / ٢٧٩.
(٣) باقر شريف القرشي ـ حياة الإمام الحسن بن عليّ. ج ٢ / ٤٦٧.