لا عن خبث لأنّها كالترك
______________________________________________________
أو تأديباً واحدة والّذي يفرق بينهما ليس إلّا النيّة (١).
هذا ، وقد نقل في «المنتهى» أنّ النيّة شرط في الطهارة عن ربيعة والليث وإسحاق وأبي عبيد وابن المنذر وأحمد بن حنبل وأبي ثور وداود والشافعي ومالك وعن أبي حنيفة والثوري أنّه لا تشترط النيّة في طهارة الماء وإنّما تشترط للتيمّم وعن الحسن بن صالح أن ليست النيّة شرطاً في شيء من الطهارات المائيّة والترابيّة وعن الأوزاعي روايتان إحداهما كقول الحسن والاخرى كقول أبي حنيفة (٢).
وليعلم إنّ قضيّة قولهم النيّة شرط في الطهارة وشرط في العبادات دون المعاملات أنّها منقولة عن معناها إلى قصد الفعل طاعة لله تعالى وإخلاصاً مع قصد الوجه أو غير ذلك على اختلاف آرائهم. ولو لم تكن منقولة لم يكن لاشتراطها معنى أصلاً ، لأنّ الفعل الاختياري لا يمكن صدوره بغير قصد ذلك الفعل وغايته فلو كلّفنا الله بفعل من دون القصد كان تكليفاً بالمحال. والعبادات وغيرها في ذلك سواء ، فلا وجه حينئذ لاشتراطها في العبادات فقط. وأمّا على المعنى المنقولة إليه كما قلنا فإنّه يصحّ اشتراطها ويجوز انفكاكها بل لا يتأتّى ذلك عن النفوس الأمّارة بالسوء إلّا بمجاهدات كثيرة ولذا ورد الحثّ على تخليص العمل من الرياء. ومن هنا ظهر فساد ما في «المدارك» وغيرها من أنّ الخطب سهل في النيّة وأنّ المعتبر فيها تخيّل المنوي بأدنى توجّه وأنّ هذا القدر لا ينفكّ عنه أحد وفساد ما قيل إنّ اشتراط النيّة من بدع المتأخرين ، كذا قال في «شرح المفاتيح (٣)» وتمام الكلام في الصلاة.
قوله رحمهالله تعالى : (لا عن خبث) هذا قول علمائنا كما في
__________________
(١) الرسالة الفخريّة (كلمات المحقّقين) : ص ٤٢٣.
(٢) منتهى المطلب : كتاب الطهارة في أفعال الوضوء ج ١ ص ٥٤ س ١٥.
(٣) مصابيح الظلام : (مخطوط مكتبة آية الله الگلپايگاني) مفتاح ٥٤ في اشتراط النيّة في الوضوء ج ١ ص ٢٨٣.