يريد : إنّه من لام في بني بنت حسان.
وإنّما لم يحذف اسم هذه الحروف إذا كان ضمير أمر أو شأن إلا في ضرورة ، لأنّ الجملة الواقعة خبرا لضمير الأمر والشأن هي مفسّرة له ، فقبح حذفه وإبقاء الجملة كما يقبح حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه إذا كانت الصفة جملة.
وكذلك يجوز حذف الخبر إذا فهم المعنى ، وعلى ذلك قوله [من الطويل] :
فلو كنت ضبيّا عرفت قرابتي |
|
ولكنّ زنجيا عظيم المشافر (١) |
في رواية من نصب «الزنجيّ» ، كأنّه قال : ولكنّ زنجيّا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي ، فحذف لفهم المعنى. ومثله قوله [من الطويل] :
٣٠٤ ـ وما كنت ضفّاطا ولكنّ طالبا |
|
أناخ وأقرى فوق ظهر سبيل |
فكأنّه قال : ولكنّ طالبا منيخا كنت.
______________________
(١) تقدم بالرقم ٢٨٣.
٣٠٤ ـ التخريج : البيت للأخضر بن هبيرة الضبيّ في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٩٩ ؛ ولسان العرب ٢ / ٤٢٨ (جنح) ، ٧ / ٣٤٤ (ضفط) ؛ وبلا نسبة في الكتاب ٢ / ١٣٦.
اللغة : الضفاط : الجمّال ، والمكاري. أقرى : أطعم الضيوف. ظهر السبيل : جانب الطريق.
المعنى : لم أكن جمّالا أنقل الجمال من بلد إلى بلد ، بل كنت قاصدا لمكان أطلبه ، أراح جماله وأطعم ضيوفه على قارعة الطريق.
الإعراب : وما : «الواو» : حسب ما قبلها ، «ما» : نافية. كنت : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (كان). ضفاطا : خبر (كان) منصوب بالفتحة. ولكن : «الواو» : حرف استئناف ، «لكن» : حرف مشبّه بالفعل. طالبا : اسم (لكنّ) منصوب بالفتحة. أناخ : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). وأقرى : «الواو» : للعطف ، «أقرى» : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). فوق : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة ، متعلق بالفعل (أناخ). ظهر : مضاف إليه مجرور بالكسرة. سبيل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة «وما كنت ضفّاطا» : بحسب ما قبلها. وجملة «ولكنّ طالبا أناخ» : استئنافية لا محل لها.
وجملة «أناخ» : في محلّ نصب صفة لـ (طالبا). وجملة «كنت» (المحذوفة) : في محلّ رفع خبر (لكنّ).
وجملة «وأقرى» : معطوفة على جملة (أناخ) في محلّ نصب صفة.
والشاهد فيه قوله : «ولكن طالبا أناخ» حيث حذف خبر (لكن) لفهم المعنى ممّا سبق.