والذي لا يلزم نون الوقاية ما بقي.
وإنما حذفت النون من «إنّي» و «كأني» و «أنّي» و «لكنّي» كراهية اجتماع الأمثال.
وحذفت في «لعلّ» كراهية اجتماع المثلين مع النون المقاربة للام ، فكأنه اجتمع ثلاثة أمثال ، ولم تحذف من «ليتني» لأنّه لم يجتمع لك أمثال ولا مقاربات.
وأما الفراء فزعم أنّ «ليت» قوي شبهها بالفعل لكونها على مثال من أمثلة الفعل ، ألا ترى أنّها على وزن «علم» المخفّف من «علم» ، نحو قوله [من الرجز] :
لو شهد عادا في زمان عاد (١)
يريد : شهد. ولزمتها نون الوقاية كما تلزم الفعل. وأما «لكنّ» و «كأنّ» و «لعلّ» فليس شيء منها على وزن الفعل ، فلذلك لم يتأكّد لحاق النون لها تأكّده في «ليت» ، فلذلك حذفت.
وهذا الذي ذهب إليه باطل ، لأنّه لو كان الأمر كذلك للزمت نون الوقاية لأنها كـ «ردّ». فإن لم تلزم العرب نون الوقاية «أنّ» دليل على أنّ الذي حذفت له نون الوقاية هو ما ذكرناه.
______________________
ـ اللغة : المنية : ما يتمنّاه المرء. جابر : رجل من غطفان كان يتمنّى لقاء زيد ، ولمّا لقيه قهره زيد.
الإعراب : «كمنية» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لمنعوت محذوف تقديره : «تمنى تمنيا مشابها لمنية. «جابر» وهو مضاف. «جابر» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «إذ» : ظرف زمان في محلّ نصب مفعول فيه. «قال» : فعل ماض مبنيّ على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو». «ليتي» : حرف مشبّه بالفعل ، والياء ضمير في محلّ نصب اسم «ليت». «أصادفه» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا» ، والهاء ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. «وأتلف» : الواو حالية ، «أتلف» فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا». «بعض» : مفعول به منصوب بالفتحة ، وهو مضاف. «مالي» : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وهو مضاف ، والياء ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة : «قال ....» في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة : «ليتي أصادفه» في محلّ نصب مفعول به. وجملة : «أصادفه» في محلّ رفع خبر «ليت». وجملة : «أتلف» في محلّ رفع خبر المبتدأ المحذوف تقديره : «أنا أتلف». وجملة «وأنا أتلف» في محلّ نصب حال.
الشاهد فيه قوله : «ليتي» حيث حذف نون الوقاية ، وهذا الحذف نادر.
(١) تقدم بالرقم ٢٤٢.