حذف المخبر عنه لفظا وتقديرا وإبقاء الخبر ، ثم تقيم ضمير الحدث مقام
المحذوف ، فيقال : «كين». وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنّ هذه الأفعال قد رفض
إحداثها ، فليس لها إذن حدث يقوم مقام المحذوف. وأما سيبويه فأجاز أن يقال : «مكون»
، ولم يبيّن على أيّ وجه ذلك ، لكنه يتخرّج ذلك ـ عندي ـ على أن يحذف المخبر عنه
ويحذف بحذفه الخبر. ثم يقام ظرف أو مجرور ـ إن كان في الكلام ـ مقام المحذوف ،
فتقول على هذا : «كين في الدار» ، و «الدار مكون فيها» ، أي : مكون فيها أمر أو
قصة ، أي : واقع.
وكذلك ما بقي
من الأفعال المتصرّفة ، أعني أنّه يجوز بناء اسم المفعول منها على هذا الوجه.
[٤ ـ دلالتها على
معنى الحدث] :
وفي هذه
الأفعال الناقصة خلاف بين النحويين ، هل تدلّ على معنى الحدث أم لا؟ فمنهم من ذهب
إلى أنّها ليست بمأخوذة من حدث وإنّما هي لمجرّد الزمان ، ولذلك لم يلفظ لها بمصدر
، لا يقال : «كان زيد قائما كونا» ، ولا «أمسى عبد الله ضاحكا إمساء» ، وكذلك سائر
أخواتها.
والصحيح أنّها
مشتقة من أحداث لم ينطق بها. وقد تقرّر من كلامهم أنّهم يستعملون الفروع ويهملون
الأصول.
والذي حمل على
ادعاء مصادر لهذه الأفعال التي قد رفض النطق بها أنّها أفعال فينبغي أن تكون
بمنزلة سائر الأفعال في أنّها مأخوذة من حدث. ومما يدلّ على أنّ في هذه الأفعال
معنى الحدث أمرهم بها ، وبناء اسم الفاعل منها ، نحو : «كن قائما» ، و «أنا كائن
منطلقا» ، والأمر لا يتصور بالزمان ، وكذلك لا يبنى اسم الفاعل من الزمان.
فإن قيل : لا
تدلّ على معنى الحدث إذ قد رفض النطق به ، فالجواب : إنّ الخبر الذي عوّض منه يقوم
في الدلالة على حركة الفاعل.
[٥ ـ أقسامها من حيث
دخول أداة النفي عليها] :
وهذه الأفعال
تنقسم ثلاثة أقسام ، قسم لا تدخل عليه أداة النفي وهي : «جاءت» ،