أحدهما : أنّ تبدل الاسم الواقع بعد «إلّا» من اسم مخفوض بحرف جر زائد لا يزاد إلّا في النفي ، وذلك نحو : «ما جاءني من أحد إلّا زيد» ، بالرفع لأنّك لو خفضت «زيدا» بالحمل على لفظ «أحد» للزم من ذلك زيادة «من» في الواجب ، لأنّ البدل على تقدير تكرير العامل ، فيكون التقدير إذ ذاك : إلّا من زيد ، وزيادتها في الواجب لا تجوز. ومن ذلك : «ليس القائم بأحد إلّا زيدا» ، على الموضع ، ولا يجوز «إلّا زيد» على اللفظ ، لأنّ ذلك يؤدّي إلى زيادة الباء في خبر «ليس» في الواجب ، ومن ذلك قوله [من الكامل] :
١٩٥ ـ يا ابني سليمى لستما بيد |
|
إلا يدا ليست لها عضد |
فنصب «يدا» بعد «إلّا» على موضع «يد».
والآخر : أن تبدل الاسم المعرفة الواقع بعد «إلّا» من الاسم المبنيّ مع «لا» ، نحو : «لا رجل في الدار إلّا عمرو» على البدل من موضع «لا رجل» ، ولا يجوز النصب لأنّ البدل على تقدير تكرار العامل و «لا» لا تعمل في المعارف ؛ فأما قولهم : «لا رجل في الدار إلا عمرا» ، فعلى الاستثناء.
______________________
١٩٥ ـ التخريج : البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص ٢١ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٨ ؛ ولطرفة بن العبد في ديوانه ص ٤٥ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٩٠ ؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٤٤١ ؛ والكتاب ٢ / ٣١٧ ؛ والمقتضب ٤ / ٤٢١.
اللغة : ابنا سليمى : لعلّهما ابنا امرأة بعينها ، وفي الديوان (ابني لبينى) ؛ وبنو لبينى قوم من بني أسد بن وائلة. العضد (بكسر الضاد وضمّها) : ما بين المرفق والكتف ، والمعين الناصر.
المعنى : أنتم لستم يدا يعتمد عليها ، بل يدا مشلولة لا عضد لها ، أي لا ناصر لكم ولا معين.
الإعراب : يا ابني : «يا» : حرف نداء ، «ابني» : منادى مضاف منصوب بالياء لأنّه مثنى. سليمى : مضاف إليه مجرور بفتحة مقدّرة على الألف. لستما : «ليس» : فعل ماض ناقص ، و «تما» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (ليس). بيد : «الباء» : حرف جرّ زائد ، «يد» : اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنّه خبر (ليس). إلا يدا : «إلا» : حرف استثناء ، «يدا» : بدل من (يد) على المحلّ ، منصوب بالفتحة. ليست : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : للتأنيث. لها : جار ومجرور متعلّقان بخبر (ليس) المحذوف. عضد : اسم (ليس) مؤخّر مرفوع بالضمّة.
وجملة النداء : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «لستما بيد» : استئنافية لا محل لها. وجملة «ليست لها عضد» : في محلّ نصب صفة لـ (يدا).
والشاهد فيه قوله : «يدا» حيث أبدل على محلّ «يد» المجرورة لفظا.