ففصل بـ «يوما» بين الواو و «أديمها» المعطوف على الضمير في «تراها».
وإذا تقدّم معطوف ومعطوف عليه وتأخر عنهما ضمير يعود عليهما ، فلا يخلو أن يكون العطف بالواو أو بالفاء أو بثمّ أو بحتى أو بغير ذلك من حروف العطف ، فإن كان العطف بالواو كان الضمير على حسب ما تقدم ، نحو قولك : «زيد وعمرو قاما» ، «زيد وعمرو وخالد قاموا» ، لا يجوز أن تفرد الضمير فتجعله على حسب الآخر إلّا حيث سمع ، ويكون الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، نحو قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (١) كان الوجه أن يقول : يرضوهما ، فأفرد بتقدير : والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه ، فحذف الأوّل لدلالة الثاني عليه.
ومن ذلك أيضا قول الشاعر [من الخفيف] :
١٤٩ ـ إنّ شرح الشباب والشعر الأس |
|
ود ما لم يعاص كان جنونا |
______________________
ـ المعنى : يصف أرضا فيقول : تراها حينا جميلة زاهية كملابس يمانية ، وطورا جافة جرداء كالجلد الفاسد.
الإعراب : يوما : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (تراها). تراها : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). كشبه : جار ومجرور متعلّقان بحال من (ها) في (تراها). أردية : مضاف إليه مجرور بالكسرة. العصب : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ويوما : «الواو» : للعطف ، «يوما» : معطوف على (يوما) السابق. أديمها : اسم معطوف منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، و «هما» : ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. نغلا : نعت منصوب بالفتحة.
وجملة «تراها» : ابتدائية لا محل لها على رأي ابن عصفور ، والذي أراه ان (يوما) متعلق بفعل (تراها) المحذوف ، وأن العطف عطف جمل لا عطف مفردات ، وعلى ذلك لا شاهد له في البيت.
والشاهد فيه قوله : «ويوما أديمها نغلا» حيث فصل بـ «يوما» بين الواو و «أديمها» المعطوف على الضمير في «تراها».
(١) التوبة : ٦٢.
١٤٩ ـ التخريج : البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٢٨٢ ؛ ولسان العرب ٣ / ٢٩ (شرخ) ؛ وتهذيب اللغة ٧ / ٨١ ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٢ ، ٥٨٥ ؛ وتاج العروس ٧ / ٢٨١ (شرخ) ؛ وديوان الأدب ١ / ١٠١ ؛ وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٣ / ٢٦٩ ؛ والمخصص ١ / ٣٨.
اللغة : شرح الشباب : قوّته. يعاصى : يضارب ويغلب.
المعنى : إن قوّة الشباب وحداثة العمر جنون ما لم يضارب ويغلب. ـ