يريد : إلّا ألّمت الكذوب برحلي أو خيالتها ، فالجواب : إنّ الكذوب صفة لخيالتها ، وقوله : أو خيالتها عطف على الضمير في «ألمت» ، ولم يحتج إلى تأكيد لطول الكلام بالمجرور ، وهو «برحلي».
ولا يجوز أيضا الفصل بين حرف العطف والمعطوف إلّا بالقسم خاصّة أو بالظرف والمجرور بشرط أن يكون حرف العطف على أزيد من حرف واحد ، نحو قوله : «قام زيد ثمّ والله عمرو» ، أو «بل والله عمرو» ، و «قام زيد في السوق ثم في الدار عمرو» ، ولا يجوز أن تقول : «قام زيد فو الله وعمرو» ، ولا : «وو الله عمرو» ، لكون الواو والفاء على حرف واحد فيشتدّ افتقارهما ، فكرهوا الفصل لذلك.
وقد يجوز الفصل بين الواو والمعطوف بالظرف والمجرور في ضرورة شعر ، نحو قوله [من المنسرح] :
١٤٨ ـ يوما تراها كشبه أردية ال |
|
عصب ويوما أديمها نغلا |
______________________
ـ اللغة: ألمّ به : نزل. الرحل : أدوات الركوب للناقة أو الجمل. الخيالة : الطيف.
المعنى : في كلّ مرّة أنزل عن راحلتي ، وأنزل رحلي من فوق ظهرها ، يحلّ بي طيفها المتخيّل ، فأراها مائلة أمامي خيالا كاذبا.
الإعراب : فلست : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «لست» : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (ليس). بنازل : «الباء» : حرف جرّ زائد ، «نازل» : مجرور لفظا ، منصوب محلّا على أنه خبر (ليس). إلا : حرف حصر. ألمت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). برحلي : جار ومجرور متعلّقان بـ (ألمت) ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. أو خيالتها : «أو» : حرف عطف ، «خيالة» : معطوف على فاعل (ألمت) مرفوع بالضمّة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. الكذوب : صفة (الخيالة) مرفوعة بالضمة.
وجملة «فلست بنازل» : بحسب ما قبلها. وجملة «ألمّت» : حالية محلها النصب.
والشاهد فيه قوله : «ألمت برحلي أو خيالتها الكذوب» حيث اعتبر البعض أن (الكذوب) فاعل (ألمت) ، وأن (خيالتها) معطوف على الفاعل ، وردّ عليه.
١٤٨ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ٢٨٣ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٢٤ ؛ ولسان العرب ٦ / ٧٠ (خمس) ، ١١ / ٦٧٠ (نغل) ، ١٢ / ٢٠ (أدم) ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٣٩٥ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣٦.
اللغة : أردية العصب : نوع من الملابس اليمانية. الأديم : الجلد ، وأراد به وجه الأرض. نغل : فاسد. ـ