قلنا : لأنّ الصفة تدلّ على الذات التي دلّ عليها الموصوف بنفسها باعتبار التعريف والتنكير ، لأنها تابعة للموصوف في ذلك ، والموصول لا ينفكّ عن جعل الجملة التي معه في معنى اسم معرّف ، فلو حذف لكانت الجملة نكرة فيختلّ المعنى.
باب العطف
مسألة : لا يعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار
لا يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ عند البصريين بخلاف المنصوب ، وجوّزه الكوفيّون قياسا على الضمير المنصوب ، والجامع بينهما الاشتراك في الفضلة.
قال في (البسيط) : والفرق على الأول من أوجه :
أحدها : أنّ ضمير المجرور كالجزء مما قبله لشدّة ملازمته له ، ولذلك لا يمكن استقلاله.
والثاني : أنه يشابه التنوين من حيث أنه لا يفصل بينه وبين ما يتصل به ، ويحذف في النداء ، نحو : يا غلام.
والثالث : أنه قد يكون عوضا من التنوين في نحو : غلامي وغلامك وغلامه فكما لا يعطف على التنوين كذلك لا يعطف على ما حلّ محلّه وناسبه في شدّة الاتصال بالكلمة ، وهذه الأوجه معدومة في المنصوب.
وقال الحريريّ في (درّة الغوّاص) (١) : فإن قيل : كيف جاز العطف على المضمرين المرفوع والمنصوب من غير تكرير وامتنع العطف على المضمر المجرور إلّا بالتكرير.
فالجواب : أنّه لمّا جاز أن يعطف ذانك المضمران على الاسم الظاهر جاز أن يعطف الظاهر عليهما ، ولمّا لم يجز أن يعطف المضمر المجرور على الظاهر إلّا بتكرير الجارّ في قولك : مررت بزيد وبك لم يجز أن يعطف الظاهر على المضمر إلّا بتكريره أيضا ، نحو : مررت بك وبزيد. وهذا من لطائف علم العربية ومحاسن الفروق النحوية ، انتهى.
مسألة : هل يجوز العطف مع التأكيد إذا أكد ضمير المجرور؟
إذا أكّد ضمير المجرور كقولك : مررت بك أنت وزيد اختلف فيه : فذهب الجرميّ إلى جواز العطف مع التأكيد قياسا على العطف على ضمير الفاعل إذا أكّد ،
__________________
(١) انظر درّة الغوّاص (٦٢).