٣ ـ وما كان في موضع المفعول الثاني من باب (ظننت) ، نحو : ما ظننت أحدا يقوم إلا زيدا.
٤ ـ وكذلك ما دخلت عليه أداة الاستفهام ، وأريد بها معنى النفي.
٥ ـ وكذلك ما كان من الأفعال بعد قلّ أو ما يقرب منها ، نحو (١) : قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وأقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وقلما يقوم إلا عمرو ، لأن العرب تستعمل قلّ بمعنى النفي.
فإذا قلت قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وأقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد فالمبدل فيهما محمول على المعنى دون اللفظ ، لأن المعنى : ما رجل يقول ذاك إلا زيد. ولا يجوز أن يكون إلا زيد بدلا من أقل المرفوع ، لأنه لا يحلّ محلّه ، لأنه (إلا) لا يبتدأ بها ، ولا من الضمير ، لأنه لا يقال ، يقول إلا زيد ، وكذلك لا يكون بدلا من رجل في (قلّ) لأنه لا يقال : قلّ إلا زيد ، ولأن (قلّ) لا تعمل إلا في نكرة ، ولا يقع بعدها إلا زيد ، ولا من الضمير ، لأن الفعل في موضع الصفة ، ولا تنتفي الصفة. وأيضا فلا يقال : يقول ذاك إلا زيد ، ولا يجوز أقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد بالخفض لأن أقلّ لا يدخل على المعارف ، فهي كربّ. وإنما هو بدل من رجل على الموضع ، لأنه في معنى : ما رجل يقول ذاك إلا زيد.
قاعدة : لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمين
قال الأبّذيّ : ومن أصل هذا الباب أنه لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمان ، كما لا يعطف بلا اسمان ، ولا تعمل واو المفعول معه في اسمين. فإذا قلت : أعطيت الناس المال إلا عمرا الدينار ، لم يجز. وكذلك النفي ، لا يجوز : ما أعطيت الناس المال إلا عمرا الدينار ، إذا أردت الاستثناء ، وإن أردت البدل جاز في النفي إبدال الاسمين ، وصار المعنى إلا عمرا الدينار.
ومن هنا منع الفارسي أن يقال : ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا ، لأنه لم يتقدم اسمان فتبدل منهما اسمين. وتصحيح المسألة عنده : ما ضرب القوم أحدا إلا بعضهم بعضا ، وتصحيحها عند الأخفش أن يقدّم بعضهم ، وأجاز غيرهما المسألة من غير تغيير اللفظ ، على أن يكون البعض المتأخّر منصوبا بضرب انتصاب المفعول به ، لا بدل ولا مستثنى ، وإنما هو بمنزلة : ما ضرب بعضا إلا بعض القوم.
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ٣٢٦).