والثالث : أنّ الصفة لمّا كانت تثنّى وتجمع بحكم الاسميّة استغني عن بروز ضميرها بدليل علامة التثنية والجمع عليه ، بخلاف الفعل ، فإنه لا يثنّى ولا يجمع ، فلذلك برز ضميره ليدلّ على تثنية الفاعل وجمعه.
وذكر الأندلسيّ بدل الوجه الرابع في الفرق أنّ اسم الفاعل إذا ثنّي أو جمع ، واتّصل به ضمير وجب حذف نونه ، لاتصال الضمير ـ على المشهور ، وذلك لا يجب في الفعل ، بل يتّصل الضمير به. وقال المهلّبيّ : [الطويل]
مراتب ستّ لم تكن لاسم فاعل |
|
تنزّل عنها ، واستبدّ بها الفعل |
يحلّ إذا لم يعتمد في محلّه |
|
ولا بدّ من إبراز مضمره يتلو |
وإن كان معناه المضيّ فمبطل |
|
وتسقط نوناه إذا مضمر يخلو |
وتقديره فردا ، وجعلك واوه |
|
وأختا لها في الجمع حرفا به يعلو |
ذكر ما افترق فيه اسم الفاعل واسم المفعول
من ذلك أنّ اسم الفاعل يبنى من اللازم كما يبنى من المتعدّي ، كقائم وذاهب ، واسم المفعول إنما يبنى من فعل متعد ، لأنه جار على فعل ما لم يسمّ فاعله. فكما أنه لا يبنى إلا من متعدّ كذلك اسم المفعول. ذكره في (البسيط) قال : فإن عدّي اللازم بحرف جرّ أو ظرف جاز بناء اسم المفعول منه نحو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] وزيد منطلق به.
ومن ذلك قال ابن مالك في (شرح الكافية) : انفرد اسم المفعول عن اسم الفاعل بجواز إضافته إلى ما هو مرفوع معنى ، نحو : الورع محمود المقاصد ، وزيد مكسوّ العبد ثوبا.
وقال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بين اسم الفاعل المراد به الماضي وبين اسم الفاعل المراد به الحال أو الاستقبال من وجوه :
أحدها : أنّ الأول لا يعمل إلا إذا كان فيه اللام بمعنى الذي ، والثاني يعمل مطلقا.
ثانيها : أنّ الأول يتعرّف بالإضافة بخلاف الثاني.
ثالثها : أنّ الأول إذا ثنّي أو جمع لا يجوز فيه إلا حذف النون والجرّ ، والثاني يجوز فيه وجهان : هذا ، وبقاء النون والنصب.