آخر الجملة أولى بالحذف من أولها ، لأن أولها موضع استجمام وراحة ، وآخرها موضع تعب وطلب استراحة.
فائدة ـ تنكير المبتدأ : قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في تعليقه على (المقرّب) : اعلم أنّ تنكير المبتدأ اختلفت فيه عبارات النحاة : فقال ابن السرّاج : المعتبر في الابتداء بالنكرة حصول الفائدة ، فمتى حصلت الفائدة في الكلام جاز الابتداء ، وجد شيء من الشرائط أو لم يوجد.
وقال الجرجانيّ : يجوز الإخبار عن النكرة بكل أمر لا تشترك النفوس في معرفته نحو : رجل من تميم شاعر أو فارس. فالمجوّز عنده شيء واحد ، وهو جهالة بعض النفوس ذلك ، وما ذكره لا يحصر المواضع.
وقال شيخنا جمال الدين محمد بن عمرون : الضابط في جواز الابتداء بالنكرة قربها من المعرفة. لا غير. وفسّر قربها من المعرفة بأحد شيئين : إما باختصاصها كالنكرة الموصوفة. أو بكونها في غاية العموم. كقولنا : تمرة خير من جرادة.
فعلى هذه الضوابط لا حاجة لنا بتعداد الأماكن ، بل نعتبر كلّ ما يرد ، فإن كان جاريا على الضابط أجزناه ، وإلا منعناه ، وإن سلكنا مسلك تعداد الأماكن التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة ، كما فعل جماعة كثيرة فنقول : الأماكن التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة تنيف على الثلاثين. وإن لم أجد أحدا من النحاة بلغ بها زائدا على أربعة وعشرين ، فيما علمته.
أحدها : أن تكون موصوفة ، وهذا تحته نوعان : موصوف بصفة ظاهرة ، كقوله تعالى : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة : ٢٢١]. وموصوف بصفة مقدّرة كمسألة السمن منوان (١) بدرهم ، فإنّ تقديره منوان منه بدرهم ، و (منه) في موضع الصفة (للمنوين).
الثاني : أن تكون خلفا من موصوف : كقولهم : ضعيف عاذ بقرملة (٢). أي : إنسان ضعيف أو حيوان التجأ إلى ضعيف.
الثالث : مقاربة المعرفة في عدم قبول الألف واللام ، كقولك : أفضل من زيد صاحبك.
__________________
(١) انظر أوضح المسالك (١ / ١٤٣).
(٢) انظر مغني اللبيب (٥٢٠).