وواقعا ، لمنافاة (١) لزوم العمل بها مع العمل به لو كان على خلافها. كما أن (٢) قضية دليله إلغاؤها كذلك (٣) ، فان (٤) كلّا من الدليلين
______________________________________________________
(١) تعليل لكون دلالة دليل الأمارة على إلغاء الاستصحاب ثبوتية لا إثباتية مستندة إلى دلالة اللفظ ، وحاصل التعليل : أن نفس اعتبار الأمارة ولزوم العمل بمؤداها ينافي عقلا العمل بالاستصحاب. وكذا العكس ، فان البناء على طهارة الثوب في المثال المزبور استنادا إلى اعتبار الاستصحاب ينافي البناء على نجاسته اعتمادا على الأمارة وهي البينة ، فلزوم العمل بكل منهما يطرد الآخر عقلا ، لامتناع اجتماع مفاديهما وهما الطهارة والنجاسة ، لتضادهما وتنافيهما ، وضميرا «بها ، خلافها» راجعان إلى «الأمارة» وضميرا «به» والمستتر في «كان» راجعان إلى الاستصحاب.
(٢) غرضه أن الإلغاء ثبوتا لا يختص بدليل الأمارة ، فكما أن دليلها يلغي ثبوتا ما يقتضيه دليل الاستصحاب ، فكذلك دليله يقتضي إلغاء الأمارة ثبوتا ، فالدلالة الثبوتية على الإلغاء ـ لا الإثباتية ـ لا تختص بدليل الأمارة ، بل تشترك بين كلا دليلي الأمارة والاستصحاب ، وهذه الدلالة الثبوتية ليست مناطا للحكومة التي فسّرها الشيخ بالشرح والدلالة اللفظية ، فلا حكومة للأمارات غير العلمية على الاستصحاب. وضمير «دليله» راجع إلى الاستصحاب ، وضمير «إلغاؤها» إلى الأمارة.
(٣) يعني : ثبوتا وواقعا ، فلم لا يكون دليل الاستصحاب حاكما على الأمارة؟
(٤) تعليل لإلغاء كل منهما ما يقتضيه الآخر ، ومحصله : أنه لمّا كان كل من الدليلين بصدد بيان وظيفة الجاهل بالحكم ، فلا محالة يطرد كل منهما الآخر المخالف له في المؤدى بملاك المضادة والمنافرة بين لزوم العمل بأمارة تدل على وجوب شيء ولزوم العمل باستصحاب يقتضي حرمته ، فان من البديهي طرد كل من الأمارة والاستصحاب للآخر ، لكمال المنافرة بين المستصحب ومؤدى الأمارة وهما الوجوب والحرمة.