ثم (١) انه حيث كان كل من الحكم الشرعي وموضوعه مع الشك
______________________________________________________
(١) هذا هو الجهة الخامسة من الجهات المتعلقة بصحيحة زرارة ، والغرض من هذا الكلام إثبات عموم الصحيحة لحجية الاستصحاب في كل من الموضوع والحكم ، ببيان : أن اليقين في قولهم عليهمالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك»
__________________
بالحدوث منحصر بزمان الحدوث ، ولا يشمل زمان وجود الرافع ، لاحتمال طروء المزيل في الآن الثاني ، فيقال : ان وجود المتيقن مع احتمال وجود الرافع غير متيقن من أول الأمر ، كعدم تيقن بقاء العقد بعد شهر لاحتمال كونه موقتاً ، فلا يحرز المقتضي فيه من بدوِ وجوده. ومن المعلوم أنه لا فرق في انتفاء العلم بوجود المتيقن في زمان الشك بين كون علة الشك عدم العلم بوجود المقتضي في زمان الشك وبين كونها الشك في طروء الرافع ، حيث ان زمان الشك في وجود المتيقن لم يتعلق به اليقين حين حدوثه ، بل يكون من قبيل الشك الساري على التقريب المتقدم من الميرزا (قده) ، لصيرورة وجود المتيقن في زمان الشك مشكوكاً فيه من أول الأمر ، وهذا غير الاستصحاب ، مع أن المنكِر لحجية الاستصحاب في الشك في المقتضي لا يقصد إرجاع الشك فيه إلى قاعدة اليقين ، بل مع فرض صدق الشك في البقاء ينكر اعتباره.
هذا كله مضافاً إلى النقض على هذا القول بأمور تسالموا على جريان الاستصحاب فيها مع أنها من الشك في المقتضي ، منها : استصحاب عدم النسخ ، مع أن الشك فيه في سعة الجعل وضيقه ، إذ حقيقته انتهاء أمد الحكم لئلا يلزم البداء المستحيل في حقه تعالى.
ومنها : استصحاب الموضوعات الخارجية ، كحياة زيد وعدالة عمرو ونحوهما ، لعدم كون استعدادها للبقاء منضبطاً حتى يشك في بقائها من جهة الرافع خاصة بل أكثر ما يقع الشك فيه منشؤه عدم إحراز قابليتها للاستمرار ، فليتأمل.
وقد تحصل : صحة ما ذهب إليه الماتن من عموم حجية الاستصحاب في كل من الشك في المقتضي والرافع.