وكيف كان (١) فقد ظهر مما ذكرنا في تعريفه (٢) اعتبار أمرين في مورده : القطع بثبوت شيء والشك في بقائه ، ولا يكاد (٣) يكون الشك في البقاء إلّا مع اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة بحسب
______________________________________________________
(١) يعني : سواء أكان الاستصحاب مسألة أصولية أم فقهية ، وهذا إشارة إلى الأمر الثالث الّذي تعرض له المصنف قبل الخوض في الاستدلال ، وهو بيان ركني الاستصحاب بناءً على كونه أصلاً عملياً مستنداً إلى الأخبار الآتية. وقد تعرض له الشيخ الأعظم (قده) في الأمر الخامس فقال : «ان المستفاد من تعريفنا السابق الظاهر في استناد الحكم بالبقاء إلى مجرد الوجود السابق أن الاستصحاب يتقوم بأمرين أحدهما وجود الشيء في زمان سواء علم به في زمان وجوده أم لا ... والثاني الشك في وجوده في زمان لاحق عليه ...».
(٢) من كونه «الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه» فان المستفاد منه اعتبار أمرين فيه أحدهما : اليقين بثبوت شيء ، وهو يستفاد من قوله : «شك في بقائه» إذ الشك في البقاء يدل على الفراغ عن حدوثه. ثانيهما الشك في البقاء ، وهو مصرح به في التعريف.
(٣) حاصله : أن الشك في البقاء ـ الّذي هو أحد ركني الاستصحاب ـ متقوم باتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة موضوعاً ومحمولاً ، إذ مع عدم اتحادهما
__________________
النقض ، ولا محذور في كون الاستصحاب الجاري في الشبهات الموضوعية قاعدة فقهية ، بخلاف الجاري في الأحكام الأصولية والأحكام الكلية ، لأن ضابط المسألة الأصولية هو كون النتيجة مما ينفع المجتهد ولا حظّ للمقلد فيها ، وأما الجاري في المسألة الفقهية فهو قاعدة فقهية ، لتعلقه بعمل آحاد المكلفين ابتداءً كما في إجراء كل مكلف قاعدة التجاوز والفراغ في عمل نفسه ، (١) هذا.
لكن بناءً على تعريف المسألة الأصولية بما ذكرناه في بحث المشتق من «أنها الدليل على كبرى قياس نتيجته حكم كلي فرعي» يندرج الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية في علم الأصول.
__________________
(١) فوائد الأصول ٤ ـ ١٠٨