لا لغيره (١) مما كان مباينا معه
______________________________________________________
(١) معطوف على «له» أي : لغير المستصحب ، غرضه أن الأثر في الصورتين الأوليين إنما يكون للمستصحب حقيقة لا لغيره حتى يكون ترتيبه على المستصحب مبنيا على الأصل المثبت. نعم إن كان ذلك الغير مباينا للمستصحب وملازما له وجودا كما إذا كان المستصحب ـ بالكسر ـ مستقبل القبلة في أواسط العراق وكان الأثر مترتبا على استدبار الجدي لم يترتب هذا الأثر على استصحاب الاستقبال ، لمباينة استقبال القبلة واستدبار الجدي ، وإنما وجدا خارجا منضمين من باب الاتفاق. وقد أشار إلى هذه الصورة بقوله : «مباينا». أو كان ذلك الغير من أعراضه المحمولة عليه
__________________
والأولى في دفع شبهه الإثبات إنكار أصل تعلق الأحكام بالكليات ، ضرورة أن الكلي بما هو كلي ليس موضوعا للأثر ، لعدم قيام ملاك التشريع به ، مع أنه بتعبير بعض أعاظم أساتيذنا (قده) أمّ الموضوع ، ومقوم موضوعيته ، بل الكلي بلحاظ وجوده الخارجي موضوع. وهذا بلا فرق بين دعوى تعلق الأحكام بالطبائع أم بالأفراد ، أما على الثاني فواضح. وأما على الأول فلأن المقصود تعلق الحكم بالطبيعة بوجودها السّعي بحيث لا دخل للوازم الوجود وعلائم التشخص في الملاك. ولمّا لم يكن نفس الكلي موضوع الحكم أصلا فلا جدوى في دعوى الاتحاد والعينية كي يشكل بعدم إجداء ذلك في دفع الغائلة.
وهذا بناء على إنكار موضوعية الكلي لشيء من الأحكام متين. وأما بناء على الالتزام بتعلق الأحكام بالكلي والتنظير له بموضوعية جامع الحدث لحرمة مس المصحف كما في تقرير بعض الأعاظم (١) فلا سبيل هنا للإشكال على المصنف «بأن الاتحاد والعينية غير دافع لشبهة الإثبات ، وإنما تندفع بعدم موضوعية الكلي أصلا لحكم شرعي ، وإنما لوحظ في الدليل عبرة ومرآة لأفراده ، فالموضوع في الحقيقة هو الفرد» (٢) وذلك لعدم خلوه من تهافت بيّن ، لأوله إلى إنكار استصحاب الكلي رأسا ، فلاحظ.
__________________
(١) مصباح الأصول ، ٣ ـ ١٠٢
(٢) المصدر ، ص ١٧١