بل عدم بقائها بتمامها (*).
______________________________________________________
بتمامها ، ومن المعلوم صدق نسخها برفع جملة من أحكامها وبقاء بعضها ، فقوله : «بل» في مقابل «ليس ارتفاعها» وضميرا «بقائها ، بتمامها» راجعان إلى «الشريعة» وقد عرفت أن عدم بقائها بتمامها ليس هو معنى نسخ الشريعة ، إذ نسخها ظاهر في رفع تمامها ، بل عدم بقائها بتمامها يستفاد من الخارج كما مر آنفا.
__________________
(*) نعم يمكن توجيه ارتفاع جميع أحكام الشريعة المنسوخة بما عن سيدنا الفقيه الأعظم صاحب الوسيلة قدسسره من : «أنه بناء على تقوم كل حكم بصدوره عن نبي ـ بحيث يتميز الحكم الصادر من نبي عن الحكم الصادر من نبي آخر ، ويكونان مجعولين بجعلين وان كانا متماثلين كما إذا كان كلاهما من سنخ واحد كالوجوب أو الحرمة ـ تصح دعوى نسخ تمام أحكام الشريعة السابقة وارتفاع جميعها. ومماثلة بعض أحكام هذه الشريعة لها لا تكشف عن الاتحاد الموجب لبقاء بعض أحكامها ، بل هو حكم جديد مجعول في هذه الشريعة.
لكن في هذا التوجيه ما لا يخفى ، ضرورة أنه مبني على كون أمر التشريع وجعل الأحكام مفوّضا إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بحيث كانوا هم المشرّعين للأحكام حتى يكون حكم كل نبي مغايرا لحكم يشرعه نبي آخر. وهذا غير ثابت بل المسلّم أن الجاعل والمشرّع هو الله تبارك وتعالى ، والأنبياء كلهم مبلغون لأحكامه عزوجل فالحكم الباقي من الشريعة المنسوخة في هذه الشريعة الناسخة واحد لا تعدد ولا تغاير فيه.» (١) هذا ملخص ما حكي عن سيدنا الأجل المتقدم رفع في الجنان مقامه.
أقول : تفويض تشريع الأحكام إلى سائر الأنبياء غير ثابت. وأما بالنسبة إلى نبينا خاتم الرسل وسيدهم صلىاللهعليهوآلهوسلم فمقتضى جملة من الروايات تفويض تشريعها إليه صلىاللهعليهوآله ، وقد شرّع أحكاما إلزامية وغيرها في هذا الشرع الأقدس ، ففي الحسن أو الصحيح عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله
__________________
(١) منتهى الوصول ، ص ١٢٣