أن يكون معه ملاك آخر بلا دخل لها فيه أصلاً وان كان لها (١) دخل فيما اطلع عليه من الملاك.
وبالجملة (٢) : حكم الشرع إنما يتبع ما هو ملاك حكم العقل
______________________________________________________
ولا يشترك الآخر بين حالتي وجوده وعدمه ، ومن المعلوم أن احتمال وجود ملاك آخر معه ـ كاحتمال بقاء الملاك الأول ـ ملزوم لاحتمال بقاء الحكم الشرعي ، وهو كافٍ في جريان الاستصحاب ، لوجود مناطه وهو الشك في البقاء.
فان قلت : تصحيح إجراء الاستصحاب بهذا الوجه الثاني غير سديد ، إذ مع فرض انتفاء الملاك في الفعل الواجد للوصف ، واحتمال قيام مناط آخر بالفعل الفاقد للوصف يكون الحكم المنبعث عن الملاكين متعدداً ، ولا يجري في مثله الاستصحاب ، لأنه من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلي ، وهو الشك في حدوث فرد للكلي مقارناً لارتفاع فرده الموجود سابقاً ، ومن المعلوم أن الفرد المشكوك الحدوث محكوم بعدم حدوثه بالأصل.
قلت : ليس المقصود إجراء الاستصحاب في ملاك الحكم ومناطه الدائر بين الزائل والحادث ، بل الغرض الاستصحاب الحكم الشرعي الشخصي الّذي يستند حدوثه إلى مناط وبقاؤه إلى مناط آخر ، ومن المعلوم أن تبدل الملاك لا يقتضي تبدل نفس الحكم ، كوجوب إكرام زيد لكونه عالماً ، وبعد زوال علمه ـ لمرض مثلاً ـ لكونه هاشمياً ، ونظيره في التكوينيات تبديل عمود الخيمة بمثله الحافظ لهيئتها الموجودة الشخصية ، فانه لا يوجب تغيراً في تلك الهيئة الوحدانية.
والنتيجة : أن احتمال حدوث ملاك آخر قائم بالفعل الفاقد للوصف يوجب احتمال بقاء حكمه الشرعي ، فيستصحب لاجتماع أركانه من اليقين بحدوث الجعل والشك في الارتفاع.
(١) أي : لتلك الحالة كالإضرار في حرمة الكذب وقبحه ، فانه دخيل في موضوع حكم العقل بالقبح وغير دخيل في المفسدة الواقعية التي لم يطلع عليها العقل.
(٢) هذا حاصل ما أفاده في الإيراد على كلام الشيخ (قده) وحاصله ـ كما عرفت ـ أن حكم الشارع تابع للملاك الواقعي لحكم العقل الشأني بحيث لو