كما لا ينبغي (١) أن يشك في عدم
______________________________________________________
(١) متعلق بـ «لا يكاد يشك» وهو الوجه الثالث ، ويحتمل فيه إرادة أحد أمرين ، الأول : أنه لا يصح انتزاع الملكية مثلا من التكليف ، إذ قد يكون
__________________
وقد تكون اختيارية ، وهي توجد تارة بالإنشاء كجميع ما ينشأ بالعقود والإيقاعات ، وأخرى بالفعل الخارجي كحيازة المباحات الأصلية. ولا ريب في تحقق الحكم التكليفي في السبب القهري كالموت والاختياري غير الإنشائي كالحيازة ، ضرورة حكم الشارع بجواز تصرف الحائز للمباح الأصلي فيما حازه وعدم جواز تصرف غيره فيه إلّا بإذنه ، وتنتزع الملكية عن ذلك. وكذا في الإرث ، لحكمه بجواز تصرف الوارث في مال المورث وعدم جواز تصرف غيره فيه ، وان كان مدلول بعض الأدلة جعل الملكية بالأصالة بمثل «ما تركه الميت فلوارثه».
وأما في العقود والإيقاعات فلا يقع شيء من التكليف والوضع ، لأن حكم الشارع بسلطنة الناس على أموالهم منوط بموضوعه أعني إضافة الملكية ، وهي غير متحققة ، لعدم تأصلها بالجعل والاعتبار حسب الفرض ، وما لم تتحقق هذه الإضافة لا معنى للسلطنة على المال. ومع عدم إفادة الإنشاء لشيء من الوضع والتكليف المترتب عليه يلزم كون صيغ العقود لقلقة لسان خالية عن الأثر ، لا أن الواقع هو التكليف غير المقصود.
وأما ثانيا : فلأنه لو فرض وقوع التكليف بالعقد دون الوضع لم يلزم ما ذكره (قده) من عدم وقوع ما قصد ، فان الأمر الانتزاعي إذا كان منشأ انتزاعه مجعولا تشريعيا كان مجعولا تبعيا عنده ، وعليه فما قصد وقع تبعا وان كان ما وقع بالأصالة وهو التكليف غير مقصود ، ولكن وقوع التكليف بدون قصد المتعاقدين لا يتوقف على قصد وقوعه ، لعدم كونه مسببا عن إرادة المكلف ، فانه حكم شرعي منوط بتحقق موضوعه ، ومن المعلوم أن الأصالة والتبعية ليستا دخيلتين في المجعولية ولا في كونهما مقصودتين (١).
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ٦٠