نعم (١) ، ولكنه حيث لا انتقاض لليقين في باب الاستصحاب حقيقة (٢) ، فلو لم يكن هناك اقتضاء البقاء في المتيقن لما (٣) صحّ إسناد
______________________________________________________
اليقين بعناية المجاز وهي : أن متعلق اليقين لمّا كان من شأنه البقاء لوجود مقتضية كان كأنه متيقن البقاء في آن الحدوث ، فاليقين تعلق بحدوثه حقيقة وببقائه اعتباراً نظير ثبوت المقبول كالنطفة بثبوت القابل كالإنسان ، فان ثبوت المقبول بالذات ثبوت للقابل بالعرض ، واليقين بالمقبول يقين بالقابل اعتباراً ، فذلك اليقين السابق بالحدوث ذاتاً يقينٌ ببقائه اعتباراً لأجل قابليته للبقاء ، والمفروض أن اليقين بالبقاء قد ارتفع وتبدل بالشك ، وصحّ بالمسامحة أن يقال : انه اضمحل ، ويصح حينئذ النهي عنه بحسب العمل. وهذا بخلاف الشك في المقتضي ، لعدم انحلال اليقين فيه لا حقيقة ولا مسامحة.
والحاصل : أن اليقين في الاستصحاب وان لم يُنقَض حقيقة ، فالإسناد لا يخلو من مسامحة ، إلّا أنه فرق بين تعلق اليقين بما من شأنه البقاء والدوام وما ليس كذلك ، إذ في الأول يتعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين ، فيقوى شباهته بما إذا انتقض اليقين حقيقة كما في قاعدة اليقين ، بخلاف الثاني ، إذ لا يصح أن يقال : لو لا الشك في الرافع لكان على يقين بالبقاء.
هذا بيان ما أفاده المصنف هنا وفي الحاشية ، وقد عرفت أنه وجه آخر لتخصيص أخبار الاستصحاب بموارد إحراز المقتضي والشك في الرافع.
(١) أي : سلمنا أن اسناد النقض إلى اليقين في صحيحة زرارة وغيرها انما هو بلحاظ نفسه دون المتيقن ، ولكن الشأن حيث لا انتقاض ... إلخ.
(٢) ضرورة كون الشك في البقاء لا في أصل الحدوث ، وإلّا كان مورداً لقاعدة اليقين ، حيث ينتقض فيها اليقين حقيقة بسبب سراية الشك إليه.
(٣) جواب «لو لم يكن» وجملة الشرط والجواب جواب لقوله : «حيث لا انتقاض». ومحصله : أن اسناد النقض في باب الاستصحاب إلى اليقين ليس حقيقياً ، لبقاء اليقين بالحدوث على حاله ، والإسناد المجازي منوط بكون المتيقن