(كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) (١).
كأنّ الرجل لم يصاحب النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لم يَعِ ما هتف به من فضائل مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام من أوّل يومه آناء الليل وأطراف النهار في حلّه ومرتحله ، في ظعنه وإقامته ، عند أفراد من أصحابه أو في محتشد منهم ، ولدى الحوادث والوقائع ، وعند كلّ مناسبة ، وفي حروبه ومغازيه.
وكأنّه لم يشهد بلاء مولانا الإمام عليهالسلام في مآزق الإسلام الحرجة ، ولم يشهد كرّاته وقد فرّ أصحابه ، وتفانيه في سبيل الدعوة عند خذلان غيره ، واقتحامه المهالك لصالح الإسلام حيث ركنوا إلى دعة ، وتقهقر بهم الفرق ، وثبّطهم الخول (٢).
يزعم القوم أنّ الخليفة كان حافظاً للقرآن وأنّه كان يتلوه في ركعة في لياليه. ولو صحّ ما يقولون فهلاّ كان يمرّ بآية التطهير ومولانا الإمام عليهالسلام أحد الخمسة الذين أُريدوا بها ، وبآية المباهلة وهو نفس النبيّ فيها. إلى آيات أُخرى نازلة فيه بالغة إلى ثلاثمائة آية كما يقوله حبر الأُمّة عبد الله بن العباس (٣) أو أنّه كان يمرّ بها على حين غفلة من مفادها؟ أو يمرّ بها وقد بلغ منه اللغوب من كثرة التلاوة فلا يلتفت إليها؟ أو أنّه كان يرتّلها ملتفتاً إلى مغازيها؟ ولكن ....
أنا لا أدري بما ذا يُعلّل قوارص الخليفة عليّا عليهالسلام ابنا حجر وكثير وأمثالهما المعلّلون أقوال الخليفة وأفعاله في مثل أبي ذر وابن مسعود ومالك الأشتر ، بأنّ مصلحة بقائهم في الأوساط الإسلاميّة مع الحرية في المقال لا تكافئ المفسدة المترتّبة عليه من سقوط أُبّهة الخلافة؟ على أنّه ما كان عند القوم إلاّ الأمر بالمعروف والنهي
__________________
(١) الكهف : ٥.
(٢) لعله بمعنى التفرّق ، من : ذهب القوم أخولَ أخول ، إذا تفرّقوا شتّى.
(٣) راجع ما مرّ في الجزء الأوّل : ص ٣٣٤. (المؤلف)