على أنّ هناك أُناساً آخرين شاركوا من جهّز الجيش وأربوا ، فلا أدري ما الموجب لاختصاص عثمان بتلكم الأدعية دونهم؟ فمن أُولئك المجهّزين العباس بن عبد المطّلب فإنّه حمل مالاً يقال إنّه تسعون ألفاً (١) وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «العبّاس عمّ نبيّكم أجود قريش كفّا وأحناه عليها» وفي حديث : «أوصلها إليها».
مستدرك الحاكم (٢) (٣ / ٣٢٨).
وأوّل من حمل ماله كلّه هو أبو بكر على زعم القوم ؛ فإنّه جاء بماله كلّه ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هل أبقيت شيئاً؟ قال : الله ورسوله (٣) [أعلم] (٤).
وهب أنّ ما حمله أبو بكر كان نزراً يسيراً لكنّه أنفق كلّ ماله إن صدق الحديث وكمال الجود بذل الموجود ، فما الذي أرجأه من الحظوة بالدعاء له ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يراه أمنّ الناس عليه بماله؟ وقد جاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أحمد في مسنده (٥) (١ / ٢٧٠) قوله : ليس أحد أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة.
على أنّ طبع الحال يستدعي أن يكون هناك منفقون آخرون ، لأنّ عدد الجيش كان ثلاثين ألفاً وعشرة آلاف فرس واثنا عشر ألف بعير عند كثير من المؤرخين ، وعند أبي زرعة كانوا سبعين ألفاً ، وفي رواية أربعين ألفاً (٦) وما ذكروه من
__________________
(١) امتاع المقريزي : ص ٤٤٦. (المؤلف)
(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٧١ ح ٥٤١٩.
(٣) تاريخ ابن عساكر : ١ / ١١٠ [٢ / ٣٤] ، شرح المواهب للزرقاني : ٣ / ٦٤ ، السيرة الحلبية : ٣ / ١٤٥ [٣ / ١٣٠]. (المؤلف)
(٤) الزيادة من تاريخ ابن عساكر.
(٥) مسند أحمد : ١ / ٤٤٥ ح ٢٤٢٨.
(٦) طبقات ابن سعد : رقم التسلسل ٦٨٣ [٢ / ١٦٦] ، تاريخ ابن عساكر : ١ / ١١١ [٢ / ٣٦] ، امتاع المقريزي : ص ٦٥٠ [ص ٤٥٠] ، فتح الباري : ٨ / ٩٣ [٨ / ١١٧] ، المواهب اللدنيّة : ١ / ١٧٣ [١ / ٦٣٠] ، إرشاد الساري : ٦ / ٤٣٨ [٩ / ٤٥١] ، شرح بهجة المحافل : ٢ / ٣٠.(المؤلف)