سترها في مكارم الأخلاق ومحاسنها ، فلا ينبغي التهاون بذلك في المحافل والجماعات ولا عند ذوي الأقدار والهيئات ، فعلى هذا تستعمل الآثار كلّها واستعمالها كلّها أولى من اطّراح بعضها. انتهى.
فعلى كلا التقديرين نحاشي نبيّ العظمة والجلال أن يكشف عن فخذيه في الملأ غير مكترث للحضور ـ وهو أشدّ حياءً من العذراء ـ ولا يأبه بهم حتى يأتي رضيع ثدي الحياء ، وربيب بيت القداسة ، وليد آل أُميّة ، أشدّ الأُمّة حياءً ، وقد قتلته أفعاله النائية عن تلك الملكة الفاضلة.
ولا يهولنّك وجود الرواية في ، الصحيحين فإنّهما ـ كما قلنا عنهما ـ علبتا السفاسف وعيبتا السقطات وفيهما من المخازي والمخاريق ما شوّه سمعة التأليف ، وفتّ في عضد علم الحديث ، ولعلّنا سوف ندعم ما ادّعيناه بالبرهنة الصادقة إن شاء الله تعالى ، وليتهما اقتصرا من الخزاية على رواية كشف الفخذ فحسب ولم يُخرجا تعرّيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بين الناس. أخرج البخاري في صحيحه باب بنيان الكعبة (١) (٦ / ١٣) ، ومسلم في صحيحه (٢) (١ / ١٨٤) من طريق جابر بن عبد الله ، قال : لمّا بُنيت الكعبة ذهب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعبّاس ينقلان حجارة ، فقال العبّاس للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اجعل إزارك على عاتقك يقيك من الحجارة. ففعل ، فخرّ إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ، ثمّ قام فقال : إزاري إزاري ، فشدّ عليه إزاره.
وفي لفظ لمسلم (٣) : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره ، فقال له العبّاس عمّه : يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة. قال : فحلّه فجعله على منكبيه فسقط مغشيّا عليه ، قال : فما رؤي بعد ذلك اليوم عرياناً.
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٥٧٣ ح ١٥٠٥.
(٢) صحيح مسلم : ١ / ٣٤٠ ح ٧٦ كتاب الحيض.
(٣) صحيح مسلم : ١ / ٣٤٠ ح ٧٧ كتاب الحيض.