معتقل إلى معتقل ، ونفيهم عن عقر دورهم من المدينة والبصرة والكوفة ، وإيذاؤهم بكلّ ما يمكنه من ضرب ووقيعة وتنكيل؟
مشرّدين نفوا عن عقر دارِهمُ |
|
كأنّهم قد جَنوا ما ليس يغتفرُ |
حتى هلك في تسييره سيّد غفار أبو ذر الصدّيق المصدّق بعد ما تسلّخ لحم أفخاذه من الجهد في تسييره.
هذه نبذ يسيرة قرأناها في صحيفة حياء الخليفة ليعطي الباحث الممعن فيها للنصفة حقّها ، فيصدق السائل في جوابه ، فهل يجد في شيء منها دلالة على تلفّع الرجل بشيء من أبراد الحياء؟ أو يجدها أدلّة واضحة على فقده لهاتيك الملكة الفاضلة ، ويجده متردّياً بضدّ هذه الغريزة في كلّ تلكم الأحوال؟ وعلى هذه فقس ما سواها.
على أنّ أبا بكر كان أولى بالاستحياء منه إن صحّ ما مرّ في الجزء السابع (ص ٢٤٨) من رواية استحياء الله منه ، وتكذيبه نبيّه استحياء من أبي بكر (١) ، فكيف لم يهتش صلىاللهعليهوآلهوسلم له ولم يُبال به ويهتش لعثمان؟
لنا كرّة ثانية لرواية الحياء من ناحية أخرى ، فإنّ مختلق هذه الأفيكة أعشاه الحبّ المعمي والمصمّ حيث أراد إثبات فضيلة رابية للخليفة ذاهلاً أو متذاهلاً عن أنّ لازم ذلك سلب تلك الفضيلة عن نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والعياذ بالله ـ حيث نسب إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم الكشف عن أفخاذه بمنتدىً من صحابته غير مكترث لحضورهم حتى إذا جاء الذي تستحي منه الملائكة فاستحى منه وسترها ، ونحن نقول أوّلاً : إنّ هذا الفعل ممّا لا يرتكبه عظماء الناس ورجالات الأُمم وإنّما تجيء بمثله الطبقات الواطئة من أذناب الأعراب ، فنبيّ العظمة الذي يهزأ بالطود في وقاره ، ويُزري بالبحر في
__________________
(١) من المخازي المفتعلة كما مرّ تفصيله. (المؤلف)