بعث إليّ أن اقدم ، ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن اخرج».
وعليّ عليهالسلام هو الذي مرّ حديث رأيه في عثمان ، فراجع حتى يأتيك اليقين بأنّه صلوات الله عليه لم يكن كالواله الحزين ، ولم يكن ذاهباً عقله يوم الدار ، ولا يقذفه بهذه الفرية الشائنة إلاّ من ذهبت به الخيلاء ، وتخبّطه الشيطان من المسّ ، وخبل حبّ آل أُميّة قلبه واختبله ، فلا يبالي بما يقول ، ولا يكترث لما يتقوّل.
وأما طلحة فحدّث عنه ولا حرج ، كان أشدّ الناس على عثمان نقمة ، وله أيّام الحصارين وفي يومي الدار والتجهيز خطوات واسعة ومواقف هائلة خطرة ثائرة على الرجل كما مرّ تفصيل ذلك كلّه ، وإن كنت في ريب من ذلك فاسأل عنه مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لتسمع منه قوله : «والله ما استعجل متجرّداً للطلب بدم عثمان إلاّ خوفاً من أن يطالب بدمه لأنّه مظنّته ، ولم يكن في القوم أحرص عليه منه ، فأراد أن يغالط ممّا أجلب فيه ليلبس الأمر ويقع الشكّ» وقوله : «لحا الله ابن الصعبة أعطاه عثمان ما أعطاه وفعل به ما فعل». إلى أقواله الأخرى التي أوقفناك عليها.
وسل عنه عثمان نفسه وقد مرّت فيه كلماته المعربة عن جليّة الحال ، وسل عنه مروان لما ذا قتله؟ وما معنى قوله حين قتله لأبان بن عثمان : قد كفيتك بعض قتلة أبيك؟ وسل عنه سعداً ومحمد بن طلحة وغيرهما ممّن مرّ حديثهم.
وأمّا الزبير فإن سألت عنه مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام فعلى الخبير سقطت قال عليهالسلام له : «أتطلب منّي دم عثمان وأنت قتلته؟ سلّط الله على أشدّنا عليه اليوم ما يكره» ، وقال فيه وفي طلحة : «إنّهم يطلبون حقّا هم تركوه ، ودماً هم سفكوه ، فإن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم نصيبهم منه ، وإن كان ولوه دوني فما الطلبة إلاّ قبلهم». إلى آخر ما أسلفناه من كلماته عليهالسلام.
وقد مرّ قول ابن عبّاس : أمّا طلحة والزبير فإنّهما أجلبا عليه وضيّقا خناقه. وقول عمّار بن ياسر في خطبة له : إنّ طلحة والزبير كانا أوّل من طعن وآخر من أمر.