وقول سعيد بن العاص لمروان : هؤلاء قتلة عثمان معك إنّ هذين الرجلين قتلا عثمان : طلحة والزبير ، وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، فلمّا غُلبا عليه قالا : نغسل الدم بالدم والحوبة بالحوبة.
وأمّا سعد بن أبي وقّاص فهو القائل كما مر حديثه : وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعنا عنه ولكن عثمان غيّر وتغيّر ، وأحسن وأساء فإن كنّا أحسنّا فقد أحسنّا ، وإن كنّا أسأنا فنستغفر الله.
واعطف على هؤلاء بقيّة الصحابة الذين حسب واضعو هذه الروايات أنّهم بعثوا أبناءهم للدفاع عن عثمان ، وقد أسلفنا إجماعهم عدا ثلاثة رجال منهم على مقته المفضي إلى قتله ، وهل ترى من المعقول أن يمقته الآباء إلى هذا الحدّ الموصوف ثمّ يبعثوا أبناءهم للمجالدة عنه؟ إن هذا إلاّ اختلاق.
وهل من المعقول أنّ القوم كانوا يمحضون له الولاء ، وحضروا للمناضلة عنه ، فباغتهم الرجلان اللذان أجهزا عليه وفرّا ولم يعلم بهما أحد إلى أن أخبرتهم بهما بنت الفرافصة ولم تعرفهما هي أيضاً ، وكانت إلى جنب القتيل تراهما وتبصر ما ارتكباه منه؟
وهل عرف مختلق الرواية التهافت الشائن بين طرفي ما وضعه من تحرّيه تقليل عدد المناوئين لعثمان المجهزين عليه حتى كاد أن يخرج الصحابة الآباء منهم والأبناء عن ذلك الجمهور ، وممّا عزاه إلى مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله لمّا انثال إليه القوم ليبايعوه : والله إنّي لأستحي أن أبايع قوماً قتلوا عثمان. إلخ. وهو نصّ على أنّ مبايعيه أولئك هم كانوا قتلوا عثمان وهم هم المهاجرون والأنصار الصحابة الأوّلون الذين جاء عنهم يوم صفّين لمّا طلب معاوية من الإمام عليهالسلام قتلة عثمان وأمر عليهالسلام بتبرّزهم فنهض أكثر من عشرة آلاف قائلين : نحن قتلته ، يقدمهم عمّار بن ياسر ، ومالك الأشتر ، ومحمد بن أبي بكر ، وفيهم البدريّون. فهل الكلمة المعزوّة إلى الإمام عليهالسلام