يريد ، وطلبوا العلل فلم تطلع عليهم علّة ، فعثروا في داره بالحجارة ليُرْموا فيقولوا : قوتلنا وذلك ليلاً ، فناداهم ؛ ألا تتّقون الله؟ ألا تعلمون أنّ في الدار غيري؟ قالوا : لا والله ما رميناك. قال : فمن رمانا؟ قالوا : الله. قال : كذبتم إنّ الله عزّ وجلّ لو رمانا لم يخطئنا وأنتم تخطئوننا ، وأشرف عثمان على آل حزم وهم جيرانه ، فسرح ابناً لعمرو إلى عليّ بأنّهم قد منعونا الماء ، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا شيئاً من الماء فافعلوا ، وإلى طلحة والزبير وإلى عائشة وأزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان أوّلهم إنجاداً له عليّ وأُمّ حبيبة ، جاء عليّ في الغلس فقال : يا أيّها الناس إنّ الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين ، لا تقطعوا عن هذا الرجل المادّة ، فإنّ الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي ، وما تعرّض لكم هذه الرجل ، فبم تستحلّون حصره وقتله؟ قالوا : لا والله ولا نعمة عين ، لا نتركه يأكل ولا يشرب ، فرمى بعمامته في الدار بأنّي قد نهضت فيما أنهضتني ، فرجع.
وجاءت أُمّ حبيبة على بغلة لها برحالة مشتملة على إداوة ، فقيل : أُمّ المؤمنين أُمّ حبيبة ، فضربوا وجه بغلتها ، فقالت : إنّ وصايا بني أُميّة إلى هذا الرجل ، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل. قالوا : كاذبة وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف ، فندّت بأُمّ حبيبة فتلقّاها الناس وقد مالت رحالتها ، فتعلّقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل ، فذهبوا بها إلى بيتها.
وتجهّزت عائشة خارجة إلى الحجّ هاربة ، واستتبعت أخاها ، فأبى ، فقالت : أما والله لئن استطعت أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلنّ. وجاء حنظلة الكاتب حتى قام على محمد بن أبي بكر ، فقال : يا محمد تستتبعك أمّ المؤمنين فلا تتبعها وتدعوك ذؤبان العرب إلى ما لا يحلّ فتتبعهم؟ فقال : ما أنت وذاك يا ابن التميميّة؟ فقال : يا ابن الخثعميّة إنّ هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبتك عليه بنو عبد مناف ، وانصرف وهو يقول :