دعني جُعلت فداك أُكلّمهم. فقال عثمان : فضّ الله فاك اخرج عنّي ، وما كلامك في هذا الأمر؟ فخرج مروان وأقبل عليّ عليه ، قال : وقد أنهى المصريّون إليه مثل الذي أنهوا إليّ فجعل عليّ يُخبره ما وجدوا في كتابهم ، فجعل يُقسم بالله ما كتب ولا علم ولا شووِر فيه ، فقال محمدبن مسلمة : والله إنّه لصادق ، ولكن هذا عمل مروان ، فقال عليّ : «فأدخلهم عليك فليسمعوا عذرك». قال : ثمّ أقبل عثمان على عليّ فقال : إنّ لي قرابة ورحماً والله لو كنت في هذه الحلقة لحللتها عنك ، فاخرج إليهم فكلّمهم فإنّهم يسمعون منك. قال عليّ : «والله ما أنا بفاعل ولكن أدخلهم حتى تعتذر إليهم» قال : فأدخلوا.
قال محمد بن مسلمة : فدخلوا يومئذ فما سلّموا عليه بالخلافة ، فعرفت أنّه الشرّ بعينه ، قالوا : سلام عليكم ، فقلنا : وعليكم السلام. قال : فتكلّم القوم وقد قدّموا في كلامهم ابن عديس ، فذكر ما صنع ابن سعد بمصر وذكر تحاملاً منه على المسلمين وأهل الذمّة وذكر استئثاراً منه في غنائم المسلمين ، فإذا قيل له في ذلك قال : هذا كتاب أمير المؤمنين إليّ ، ثمّ ذكروا أشياء ممّا أحدث بالمدينة وما خالف به صاحبيه ، قال : فرحلنا من مصر ونحن لا نريد إلاّ دمك أو تنزع ، فردّنا عليّ ومحمد بن مسلمة وضمن لنا محمد النزوع عن كلّ ما تكلّمنا فيه ، ثمّ أقبلوا على محمد بن مسلمة فقالوا : هل قلت ذاك لنا؟ قال محمد : فقلت : نعم. ثمّ رجعنا إلى بلادنا نستظهر بالله عزّ وجلّ عليك ويكون حجّة لنا بعد حجّة ، حتى إذا كنّا بالبُويب (١) أخذنا غلامك فأخذنا كتابك وخاتمك إلى عبد الله بن سعد تأمره فيه بجلد ظهورنا ، والمثل بنا في أشعارنا ، وطول الحبس لنا ، وهذا كتابك ، قال : فحمد الله عثمان وأثنى عليه ثم قال : والله ما كتبت ولا أمرت ولا شووِرت ولا علمت ، قال : فقلت وعليّ جميعاً : قد صدق. قال : فاستراح إليها عثمان ، فقال المصريّون : فمن كتبه؟ قال : لا أدري. قال : أفيُجترأ عليك
__________________
(١) البويب : مدخل أهل الحجاز إلى مصر [معجم البلدان : ١ / ٥١٢]. (المؤلف)