حتى نبحثه عن الأمر ونعرف حال الكتاب ، وكيف يؤمر بقتل رجال من أصحاب رسول الله بغير حقّ؟ فإن يكن عثمان كتبه عزلناه ، وإن يكن مروان كتبه عن لسان عثمان نظرنا ما يكون منّا في أمر مروان ، فلزموا بيوتهم فأبى عثمان أن يخرج مروان.
فحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء ، فأشرف على الناس فقال : أفيكم عليّ؟ فقالوا : لا. قال : أفيكم سعد؟ فقالوا : لا. فسكت ، ثمّ قال ألا أحد يبلّغ عليّا فيسقينا ماءً؟ فبلغ ذلك عليّا فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماءً فما كادت تصل إليه ، وجُرح بسببها عدّة من موالي بني هاشم وبني أُميّة حتى وصلت.
لفظ الواقدي :
من طريق محمد بن مسلمة ، وقد أسلفنا صدره في (ص ١٣٢ ، ١٣٣) ، وإليك بقيّته : فوجدنا فيه هذا الكتاب فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد : فإذا قدم عليك عبد الرحمن بن عديس فاجلده مائة ، واحلق رأسه ولحيته ، أَطِل حبسه حتى يأتيك أمري ، وعمرو بن الحمق ، فافعل به مثل ذلك ، وسودان بن حمران مثل ذلك ، وعروة بن البيّاع الليثي مثل ذلك. قال : فقلت : وما يدريكم أنّ عثمان كتب بهذا؟ قالوا : فيقتات (١) مروان على عثمان بهذا؟ فهذا شرّ ، فيخرج نفسه من هذا الأمر. ثمّ قالوا : انطلق معنا إليه فقد كلّمنا عليّا ووعدنا أن يكلّمه إذا صلّى الظهر ، وجئنا سعد بن أبي وقاص فقال : لا أدخل في أمركم ، وجئنا سعيد بن زيد بن عمرو فقال مثل هذا ، فقال محمد : فأين وعدكم عليّ؟ قالوا : وعدنا إذا صلّى الظهر أن يدخل عليه. قال محمد : فصلّيت مع عليّ ، قال : ثمّ دخلت أنا وعليّ عليه فقلنا : إنّ هؤلاء المصريّين بالباب فأذن لهم ، قال : ومروان جالس فقال مروان :
__________________
(١) لعله : يفتات. مخفف : يفتئت ، بمعنى : يفتري ويختلق.