قال : سألت الصنوبريّ عن السبب الذي من أجله نسب جدّه إلى الصنوبر حتى صار معروفاً به ، فقال لي : كان جدّي صاحب بيت حكمة من بيوت حِكَم المأمون ، فجرت له بين يديه مناظرة فاستحسن كلامه وحدّة مزاجه ، وقال له : إنّك لصنوبريُّ الشكل. يريد بذلك الذكاء وحدّة المزاج. انتهى.
وذكر له النويري في نهاية الأرب (١١ / ٩٨) في نسبته هذه قوله :
وإذا عُزينا إلى الصنوبرِ لم |
|
نُعْزَ إلى خاملٍ من الخشبِ |
لا بل إلى باسقِ الفروع علا |
|
مناسباً في أُرومةِ الحسبِ |
مثلِ خيامِ الحريرِ تحملُها |
|
أعمدةٌ تحتها من الذهبِ |
كأنّ ما في ذراه من ثمرٍ |
|
طيرٌ وقوعٌ على ذرى القُضُبِ |
باقٍ على الصيف والشتاء إذا |
|
شابت رءوسُ النباتِ لم يَشِبِ |
محصّنُ الحَبِّ في جَواشن (١) قد |
|
أَمِنَ (٢) في لُبْسِها من الحَرَبِ |
حَبٌّ حكى الحُبّ صِين في قُرُبِ (٣) ال |
|
أصدافِ حتى بدا من القُرُبِ |
ذو نَثّة (٤) ما يُنال من عنبٍ |
|
ما نيل من طِيبِها ولا رُطَبِ |
يا شجراً حَبُّهُ حدانيَ أنْ |
|
أفدي بأمّي محبّةً وأبي |
فالحمد لله إنّ ذا لقبٌ |
|
يزيد في حسنه على النسبِ |
وأمّا تشيّعه فهو الذي يطفح به شعره الرائق كما وقفت على شطرٍ منه ، وستقف فيما يلي على شطرٍ آخر ، ونصّ بذلك اليماني في نسمة السحر (٥) ، وعدُّ ابن شهرآشوب (٦)
__________________
(١) الجواشن : الدروع ، واحده جَوْشن.
(٢) أي حبّات الصنوبر.
(٣) القُرُب : جمع قراب ، وهو غِمد السيف.
(٤) النثّة : ما يرشح به من الدهن.
(٥) نسمة السحر : مج ٦ / ج ١ / ٢١.
(٦) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٣٥٠ ، ٣ / ٢٨ و ٢٧٤ ، ٤ / ١٣٤.