والتابعين لهم بإحسان.
فهل ترى هذه التسمية تدع بين المسلمين أُلفة؟ وتذر فيهم وئاماً؟ وتبقي بينهم مودّة؟ وهل تجد لو اطّردت أمثالها كلمة جامعة تتفيّأ الأمّة بظلّها الوارف؟ نعم ؛ هي التي تبذر بين الملأ الديني بذور الفرقة ، وتبثّ فيهم روح النفرة ، تتضارب من جرّائها الآراء ، وتتباين الفِكَر ، وربّما انقلب الجدال جِلادا ، كفى الله المسلمين شرّها.
فإلى الدعة والسلام ، وإلى الإخاء والوحدة أيّها المسلمون جميعاً من غير اكتراث لصخب هذا المعكّر للصفو والمقلِق للسلام (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) (١) (لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٢).
وأمّا ما في الكتاب من السباب المقذع والتهتّك والقذائف والطامّات والأكاذيب والنسب المفتعلة ، فلعلّها تربو على عدد صفحاته البالغة (١٦٠٠) ، وإليك نماذج منها :
١ ـ قال : من الظرائف أنّ شيخاً من الشيعة اسمه بيان كان يزعم أنَّ الله يعنيه بقوله : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) (٣) ، وكان آخر منهم يلقّب بالكسف ، فزعم هو وزعم له أنصاره أنَّه المعنيّ بقول الله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ...) (٤). ١ / ع [من المقدمة و ٥٣٨).
الجواب : إن هي إلاّ أساطير الأوّلين التي اكتتبها قلم ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (٥) (ص ٨٧) ، وإن هي إلاّ من الفرق المفتعلة التي لم يكن لها وجودٌ وما وجدت بعدُ ، وإنَّما اختلقتها الأوهام الطائشة ، ونسبتها إلى الشيعة ألسِنة حملة العصبيّة العمياء
__________________
(١) المائدة : ٩١.
(٢) النور : ٢١.
(٣) آل عمران : ١٣٨.
(٤) الطور : ٤٤.
(٥) تأويل مختلف الحديث : ص ٨٥.