الذي لا تُنكر سابقته وفضائله ، وهو نفسه ، وابن عمِّه ، وأخوه من دون الناس ، وزُلفته إليه ، وقربه منه ، ومكانته واختصاصه به ، وتهالكه دون دينه الحنيف ، كلّها من الواضح الذي لا يجلّله أيُّ ستار. وسنوقفك على الحديث وطرقه المتكثّرة الصحيحة ، ونعرِّفك هناك أنَّ النظر في صحّته شارة الأمويّة ، وسمة رَيْن (١) القلب ، واتِّباع الهوى.
٣ ـ قال : وما يتوهّمه بعض العوام بل هو مشهورٌ بين كثير منهم : أنّ عليّا هو الساقي على الحوض فليس له أصلٌ ، ولم يجئ من طريق مرضيٍّ يُعتمد عليه ، والذي ثبت : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي الناس (٢) (٧ / ٣٥٥).
الجواب : لا يحسب القارئ أنّ هذا وهمٌ من رأي العوام فحسب ، وقد أفك الرجل في حكمه الباتّ ، وقد جاء الحديث بطريق مرضيٍّ يُعتمد عليه ، وأخرجه الحفّاظ الأثبات مخبتين إليه ، راجع الجزء الثاني من كتابنا (ص ٣٢١).
٤ ـ ذكر في (٣) (٧ / ٣٣٤) حديثاً صحيحاً بإسناد الإمام أحمد والترمذي في إسلام أمير المؤمنين ، وأنَّه أوّل من أسلم وصلّى ، ثمَّ أردفه بقوله : وهذا لا يصحُّ من أيِّ وجهٍ كان روي عنه. وقد ورد في أنَّه أوّل من أسلم من هذه الأمّة ، أحاديث كثيرة لا يصحّ منها شيءٌ .. إلخ.
الجواب : ألا مُسائل هذا الرجل لِمَ لا يصحُّ شيء منها من أيّ وجهٍ كان ، والطرق صحيحة ، والرجال ثقات ، والحفّاظ حكموا بصحّته ، وأرباب السير أطبقوا عليه ، وكان من المتسالم عليه بين الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان؟
ونحن لو نقتصر على كلمتنا هذه يحسبها القارئ دعوى مجرّدة لدة دعوى ابن كثير ـ أعاذنا الله من مثلها ـ وتخفى عليه جليّة الحال ، فيهمّنا ذكر نزْر ممّا يدلُّ على
__________________
(١) الرَّيْن : الدنس يغشى القلب.
(٢) البداية والنهاية : ٧ / ٣٩٢ حوادث سنة ٤٠ ه.
(٣) البداية والنهاية : ص ٣٧٠.