أسفاً على أقلام
مصر النزيهة ، وأعلامها المحنّكين ، ومؤلِّفيها المصلحين ، وكتّابها الصادقين ،
وعباقرتها البارعين ، وأساتذتها المثقّفين ، ورجالها الأمناء على ودائع العلم
والدين.
أسفاً على مصر
وعلمها المتدفّق ، وأدبها الجمّ ، وروحها الصحيحة ، ورأيها الناضج ، وعقلها السليم
، وحياتها الدينية ، وإسلامها القديم ، وولائها الخالص ، وتعاليمها القيّمة ،
ودروسها العالية ، وخلائقها الكريمة ، وملكاتها الفاضلة.
أسفاً على مصر
وعلى تلكم الفضائل وهي راحت ضحيّة تلك الكتب المزخرفة ، ضحيّة تلك الأقلام
المستأجرة ، ضحيّة تلك النزعات الفاسدة ، ضحيّة تلك الصحائف السوداء ، ضحيّة تلك
النعرات الحمقاء ، ضحيّة تلك المطابع المأسوف عليها ، ضحيّة أفكار أولئك المحدثين
المتسرِّعين (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ*
فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ
لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ
هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) .
أليست هذه الكتب
بين يدي أعلام مصر ومشايخها المثقّفين؟ أم لم يوجد هناك من يحمل عاطفة دينيّة ،
وشعوراً حيّا ، وفكرة صالحة يدافع عن ناموس مصره المحبوبة قبل ناموس الشرق كلّه؟
والعجب كلُّ العجب
أنّ علاّمة مصر ، يُري للمجتمع أنّه الناقد البصير ، فيقرِّظ كتاباً قيّماً لعربيٍّ صميم ، عراقيٍّ يُعدُّ من أعلام العصر ومن
عظماء العالم ، ويناقش دون ما في طيّه من الأغلاط المطبعيّة ممّا لا يترتّب به على
الأمّة ولا على فردٍ
__________________