أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) (١)) وفي قوله : (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢).
وفي وسع الباحث أن يتّخذ دروساً راقية حول ما نرتئيه من خطبةٍ لأمير المؤمنين عليهالسلام وقد ذكرها الشريف الرضي في نهج البلاغة (٣) (١ / ٣٩٢) ألا وهي :
«أنا وضعت في الصغر بكلا كل العربِ ، وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر ، وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حِجره وأنا وليد ، يضمّني إلى صدره ، ويَكنُفُني في فراشه ، ويُمسُّني جسدَه ، ويُشمّني عَرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمَّ يُلقِمُنيه ، وما وجد لي كَذْبَةً في قول ، ولا خَطلةً في فعل ، ولقد قرن الله به صلىاللهعليهوآلهوسلم من لدن أن كان فطيماً ، أعظمَ مَلَكٍ من ملائكته ، يسلُكُ به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالَم ، ليله ونهاره ، ولقد كنتُ أتّبعه اتِّباع الفصيل أَثَر أمِّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلِّ سنة بحِراء ، فأراهُ ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمُّ ريحَ النبوّة ، ولقد سمعت رَنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، إنَّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلاّ أنَّكَ لستَ بنبيٍّ ، ولكنَّك لَوزيرٌ ؛ وإنَّك لعلى خيرٍ».
وأمّا الكلام في إسلام أبي بكر فلا يسعني أن أحوم حول هذا الموضوع ، وبين يديَّ صحيحة محمد بن سعد بن أبي وقّاص التي أخرجها الطبري في تاريخه (٤) (٢ / ٢١٥) بإسناد صحيح رجاله ثقات ، قال ابن سعد : قلت لأبي : أكان أبو بكر أوّلكم إسلاماً؟ فقال : لا. ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين ، ولكن كان أفضلنا إسلاماً.
__________________
(١) الأنعام : ١٤.
(٢) غافر : ٦٦.
(٣) نهج البلاغة : ص ٣٠٠ خطبة ١٩٢.
(٤) تاريخ الأمم والملوك : ٢ / ٣١٦.