فرفع الفعل المضارع بعد (حتى) يكون على أحد وجهين :
أولهما : أن تكون (حتى) عاطفة ، حيث تريد اتصال ما بعدها بما قبلها فى حديث ليس مستقبلىّ الزمن ، وإنما هو حديث محكىّ ، فإذا قلت : توددت حتى أكلم محمودا ، فالمعنى يكون : توددت فكلمت محمودا ، أى : كان منى تودد فتكليم متصل. فترفع المضارع لذلك ، فما بعد (حتى) يعدّ ابتداء واستئنافا ؛ لأن العطف بمثابة استقلال ما بعده فى جملة تامة.
والآخر : أن تكون (حتى) حالية ، أى : تفيد الزمن الحالىّ ، أى : وقع حدث لإحداث حدث واقع الآن ، فإذا قلت : توددت حتى أكلم محمودا بالرفع ، و (حتى) حالية ، يكون التقدير : توددت وأنا الآن فى حال تكليم لمحمود. فترفع الفعل المضارع.
والفارق المعنوى بين قولنا : سرت حتى أدخل القاعة ، (بنصب المضارع) ؛ وقولنا : سرت حتى أدخل القاعة ، (برفع المضارع) ؛ هو تقدير زمن الدخول بالنسبة إلى السير ، فإذا قلت ذلك قبل دخولك القاعة فأنت تجعل الدخول تعليلا أو غاية للسير ، حسب إرادة المتحدث ، ويكون مستقبل الزمن فتنصب المضارع ، وإذا قلت ذلك أثناء دخولك القاعة فإنك لم تجعله غاية ولا تعليلا ، ولا يكون المضارع مستقبل الزمن ، وإنما هو فى الحال ، أى : حال الحديث ، فلذلك ترفع.
وقد يكون رفع المضارع بعد (حتى) على أنك جعلتها حرف عطف مفيدا لاتصال الحدث والحديث ، فإذا قلت : (سرت حتى أدخل القاعة) فإنه يجوز أن يكون المعنى : سرت فأدخل القاعة ، أى : كان منى سير فدخول متصل.
وفى قوله تعالى : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة : ٢١٤] قرئ الفعل المضارع (يقول) بالنصب والرفع : أما النصب فعلى زمن الاستقبال ، وتكون (حتى) بمعنى (إلى أن) ، فهى غائية.
وينصب كذلك على أن (حتى) بمعنى (كى) فهى للعلة ، وهذا ضعيف.
وأما الرفع فعلى حكاية الحال ، فكأن المعنى : زلزلوا فقالوا ، و (حتى) ـ حينئذ ـ تكون عاطفة مفيدة اتصال الحديث والحدث.