ويقدرهما النحاة فى مثل هذا التركيب بـ (من وإلى) معا ، حيث يدلان ـ مذ ومنذ ـ على ابتداء الغاية فى الزمان وانتهائها معا ، ففى المثالين السابقين ينحصر زمان عدم الرؤية فى ثلاثة أيام ، أو ليلتين ، وهما يدلان على زمان معدود يدل على المعنى : من ابتداء هذه المدة إلى انتهائها.
الجوانب الإعرابية فى هذا التركيب :
يذكر ابن مالك : «وتتعيّن حرفيتهما ـ مذ ومنذ ـ إن وليهما مجرور» (١).
ويختلف النحاة (٢) فيما بينهم فى حكم الوجوب والصحة أو الرجحان فيما إذا وليهما مجرور بين الحرفية والظرفية ، ولكن الجمهور يذهبون إلى حرفيتهما ـ حينئذ. وذهب جماعة إلى أنهما اسم فى كل حال ، وهما دالّان على الظرفية ، فإذا جاء ما بعدهما مخفوضا فإنه يكون على الإضافة ، وإن كانا مبنيين ، وذلك كقولك : من لدن حكيم عليم ، حيث أضيف إلى (لدن).
والذين يذهبون إلى حرفيتهما حين جرّ ما بعدهما ـ وهم الجمهور ـ يدللون على ذلك بما يأتى :
ـ (مذ ومنذ) لابتداء الغاية فى الزمان ، فهما نظيرتا (من) فى المكان ، فإن كانت (من) حرفا ، فكذلك ما هو فى معناه.
يذكر ابن معطى فى ألفيته :
وإن جررت فهما حرفان |
|
حرفا ابتداء غاية الزمان |
هما كمن فى غاية المكان ....
ـ إيصالهما الفعل إلى (كم) و (متى) الاستفهاميتين ؛ كما يوصل الجارّ إليهما ، فكانا حرفين ، نحو : مذ كم سرت؟ أو : مذ متى سرت؟ ولو أنهما كانا اسمين
__________________
(١) شرح التسهيل ٢ ـ ٢١٦.
(٢) ينظر : شرح ألفية ابن معطى للموصلى ١ ـ ٣٨٤ / شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٩٤ / ٨ ـ ٤٤ / شرح التسهيل لابن مالك ٢ ـ ٢١٦ / مغنى اللبيب ١ ـ ٣٦٧ / المساعد على تسهيل الفوائد ١ ـ / ٥١٤ الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٢٨ / شرح التصريح ٢ ـ ١٧.