أى : مسّها الاكتحال ، ففاعل (مس) ضمير مستتر تقديره (هو) ، يعود على مصدر (اكتحل).
٩ ـ تركيب خاص بالفاعل (فعل+ ما+ فعل):
يوجد فى اللغة تراكيب فعلية تتكون من فعل يتلوه (ما) متلوة بفعل ، نحو : قلمّا تزورنى ، كثر ما أعطيتك كتابى ، طالما ألومك لهذا الفعل ، ويعتقد أن هذه الأفعال لا فاعل لها على احتساب أن (ما) قد كفّتها ، فلم تطلب فاعلا ، لكن الأمر غير ذلك ، فكلّ فعل لا بدّ له من فاعل ، وتؤول هذه التراكيب على النحو الآتى :
أ ـ أن يقدر (ما) حرفا مصدريّا ، فيكون مع ما بعده مصدرا مؤولا فى محل رفع ، فاعل ، ويكون التقدير : قل زيارتك ، كثر عطائى ، طال لومى لك. وهذا هو الرأى الأرجح.
ـ أن تقدر (ما) زمانية بمعنى (وقت) ، فتكون الفاعل ، والتقدير : قلّ وقت زيارتك لى فيه ، كثر وقت عطائى فيه ، كثر وقت لومى فيه ، فيقدر عائد محذوف.
ـ أن تقدر (ما) هى الفاعل ، ويكون ما بعدها صلتها.
ـ أن تقدر (ما) زائدة ، وما بعدها من اسم يكون فاعلا ، على أن يقدر ضمير مستتر فى الفعل الثانى ، فيكون التقدير : قللت تزور أنت لى ، ... إلخ.
وهذه الأفعال لا يقع بعدها إلا الجملة الفعلية ، ما دامت قد ألحقت بـ (ما) ، فتقول : قلّما أخطأت فى إجابة ، كثر ما أجبت ما تطلب. فإذا وقع بعدها اسم مع وجود (ما) فإنه يكون ضرورة أو شاذا ، كما جاء فى قول المرار الفقعسى :
صددت فأطولت الصدود وقلّما |
|
وصال على طول الصدود يدوم (١) |
فإذا خلت هذه الأفعال من (ما) فإن الاسم يذكر بعدها ، فتقول : قلّ رجل يقول ذلك ، ويكون الاسم المذكور (رجل) فاعلا ، وهذا دليل على أننا يجب أن نجعل فاعلا لهذه الأفعال بتقدير أو بآخر.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٣١ ، ٣ ـ ١١٥ / المقتضب ١ ـ ٢٢٢ / الخزانة رقم ٨٤٠.