أن يختار امتثال الأمر الندبي قبل الإلزامي ، وقضيّة الأصل بل إطلاق الأمر بالتكبيرات المقتصر في تقييده على القدر المتيقّن الثابت بالإجماع وغيره : كونه مخيّرا في أن يجعل أيّها شاء تكبيرة الافتتاح ، كما هو المشهور إن لم يكن مجمعا عليه.
ويؤيّده أيضا بل يدلّ عليه إطلاق المستفيضة المتقدّمة التي ورد فيها الأمر بإجهار الإمام بواحدة ؛ إذ الظاهر أنّ المراد بالواحدة هي تكبيرة الإحرام.
ولا ينافي ذلك ما أنكرناه فيما سبق من عدم صلاحيّة هذه الأخبار لمعارضة الأخبار المتقدّمة الظاهرة في حصول الافتتاح والإحرام بالمجموع ؛ إذ فرق بين دلالتها على اشتراط الوحدة في تكبيرة الافتتاح كي يعارض تلك الأخبار ، وبين دلالتها ـ بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان ـ على أنّ ما يجهر بها هي تلك التكبيرة المعتبرة في قوام ماهيّة الصلاة التي علم من الخارج اشتراطها بكونها واحدة ، كما لا يخفى.
واستدلّ في الحدائق للقول بتعيّن الأولى بصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إذا افتتحت الصلاة فارفع كفّيك ثمّ ابسطهما بسطا ، ثمّ كبّر ثلاث تكبيرات ، ثمّ قل» إلى أن قال : «ثمّ تكبّر تكبيرتين ، ثمّ قل : لبّيك وسعديك» إلى أن قال : «ثمّ تكبّر تكبيرتين ، ثمّ تقول : وجّهت وجهي» (١) الحديث.
وتقريب الاستدلال : أنّه بناء على ما زعموه من التخيير أو تعيين الأخيرة ليس هذا من الافتتاح في شيء ؛ فإنّ تسمية ما عدا تكبيرة الإحرام بتكبيرات الافتتاح إنّما تصدق بتأخيرها عن تكبيرة الإحرام ، التي يقع بها الافتتاح حقيقة والدخول
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣١٠ / ٧ ، التهذيب ٢ : ٦٧ / ٢٤٤ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام ، ح ١.