وصحيحة معاوية بن وهب أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن الأذان ، فقال :«اجهر وارفع به صوتك ، فإذا أقمت فدون ذلك ولا تنتظر بأذانك ولا إقامتك إلّا دخول وقت الصلاة ، واحدر إقامتك حدرا» (١).
والمراد بالحدر هو الإسراع الغير المنافي لحفظ الوقوف في أواخر الفصول ، فالمراد به ترك التأنّي والتطويل المطلوب في الأذان ، لا السرعة والاستعجال الخارج عن المتعارف.
ولعلّ هذا ـ أي الإتيان على النحو المتعارف الموجب لحفظ الوقوف ـ هو المراد بالترسّل المأمور به في خبر الشيباني ، حيث قال : «إذا أقمت [ الصلاة ] فأقم مترسّلا فإنّك في الصلاة» (٢) فلا ينافيه الأخبار الآمرة بالحدر في الإقامة ، والله العالم.
ولو أسرع في الإقامة بأن أتى بها درجا ، لا يسقط بذلك فضيلة الجزم ، كما نبّه عليه شيخنا الشهيد الثاني في محكيّ الروض ، حيث قال : ولو فرض ترك الوقف أصلا سكّن أواخر الفصول أيضا وإن كان ذلك في أثناء الكلام ؛ ترجيحا لفضيلة ترك الإعراب على المشهور من حال الدرج. ولو أعرب أواخر الفصول ، ترك الأفضل ، ولم تبطل الإقامة ؛ لأنّ ذلك لا يعدّ لحنا ، وإنّما هو ترك وظيفة (٣). انتهى.
وما يقال ـ من أنّ الوصل بالسكون مخالف لقواعد العربيّة فهو لحن ـ فهو
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٧٦ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ١ ، والباب ٨ من تلك الأبواب ، ح ١.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٧٦ ، الهامش (١) وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٣) روض الجنان ٢ : ٦٥١ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٤١٠.