اللهمّ إلّا أن يستدلّ له في الجامع بخبر زيد ، ويطرح سائر الروايات التي وردت في المنفرد ممّا دلّ على السقوط ؛ لابتلائها بمعارضة الخبرين (١) الأخيرين المصرّحين بالثبوت ، المعتضدين بموافقة العمومات.
ولكنّك عرفت أنّ الجمع بينها بالحمل على الكراهة ممكن ، فهو أولى من الطرح ، فالقول بسقوطهما مطلقا من الجامع والمنفرد على كراهيته هو الأقوى.
وهل الجماعة الثانية التي اجتزأت بأذان الأولى كالأولى في سقوط الأذان عمّن ورد عليهم ، أم لا؟ وجهان : من خروجها عن مورد الأخبار ، ومن أنّها لدى الاجتزاء بأذان الأولى كالأولى في كون صلاتهم بأذان وإقامة.
ولعلّ هذا هو الأقوى ، كما أنّ الأمر كذلك بالنسبة إلى الجماعة الأولى لو اجتزأوا باستماع أذان الغير ، فإنّها وإن كانت منصرفة عن مورد النصوص ولكن لا ينبغي التردّد في اطّراد الحكم بالنسبة إليها ، فإنّه بعد أن جاز لهم الاجتزاء بأذان الغير يصير أذان الغير عند اجتزائهم به أذانهم ، فليس على من أدركهم حال الصلاة أو بعدها قبل تفرّقهم أن يعيد الأذان ، بل يدخل معهم في أذانهم ، فليتأمّل.
وهل السقوط مخصوص بمريد الجماعة؟ فيه تردّد : من إطلاقات أدلّته ، ومن إمكان دعوى جريها مجرى الغالب المتعارف في تلك الأزمنة من الائتمام عند إدراك الجماعة ، كما ربما يستشعر ذلك من التعبيرات الواقعة في الأخبار ، فعلى الثاني لايسقط عمّن لم يقصد الجماعة وإن وجدهم يصلّون ، وأمّا على الأوّل فيسقط عنه في هذا الفرض أيضا ؛ فإنّه أولى بالسقوط ، فيستفاد حكمه من الأخبار
__________________
(١) أي : خبري عمّار ومعاوية بن شريح ، المتقدّمين في ص ٢٥٤.