فإن كان الساكن حرفا صحيحا لم يجز الإدغام ، نحو «اسم موسى» و «ابن نوح» وإنما لم يجز الإدغام فيه لأنّ الإدغام في الكلمتين أضعف منه في الكلمة الواحدة ؛ ألا ترى أنّه يلزم في الكلمة الواحدة ، ولا يلزم في الكلمتين. فلمّا كان أضعف لم يقو على أن يغيّر له الحرف الساكن بالتحريك.
إذ لو أدغمت لم يكن بدّ من تحريك سين «اسم» وباء «ابن». ولكنّك تخفي إن شئت ، وتحقّق إن شئت. والمخفى بزنة المحقّق ، إلا أنك تختلس الحركة اختلاسا.
فأما قول بعضهم في القراءة «نعمّا» فحرّك ، فلم يحرّك العين للإدغام ، بل جاء على لغة من يقول «نعم» فيحرك العين ، وهي لغة هذيل.
فإن كانا معتلّين فإنّه لا يخلو من أن يكون الأوّل منهما ساكنا ، أو متحركا. فإن كان ساكنا فلا يخلو من أن يكون حرف لين أو حرف مدّ ولين. فإن كان حرف لين أدغمت ، إذ لا مانع من الإدغام ، نحو «اخشي يّاسرا» و «اخشوا وّاقدا» وإن كان حرف مدّ ولين لم تدغم نحو «يغزو واقد» و «اضربي ياسرا» لئلا يذهب المدّ بالإدغام ، مع ضعف الإدغام في الكلمتين ـ فأما مثل «مغزوّ» فاحتملوا فيه ذهاب المدّ لقوّة الإدغام ـ وأيضا فإنه يشبه «قوول» في أنّ الأول حرف مدّ ولين ، ولا يلزم المثلان فيهما كما لا يلزمان في «قوول» إذ قد يزول المثلان في «قوول» إذا أسندته إلى الفاعل كما يزول المثلان في «يغزو واقد» إذا لم تأت بعد «يغزو» بكلمة أوّلها واو ، نحو «يغزو راشد».
وإن كان الأول متحركا فلا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحركا.
فإن كان ما قبله متحركا جاز الإدغام والإظهار ، على حسب ما ذكر في مثله من الصحيح ، نحو «ولي يّزيد» و «لقضو وّاقد».
وإن كان ما قبله ساكنا فلا يخلو من أن يكون حرف علّة ، أو حرفا صحيحا.
فإن كان حرفا صحيحا لم تدغم. كما فعلت في مثله من الصحيح ، نحو «ظبي ياسر» و «غزو واقد».
وإن كان حرف علّة فلا يخلو من أن يكون مدغما ، أو غير مدغم.
فإن كان غير مدغم جاز الإظهار والإدغام ، كما جاز في نظيره من الصحيح ، نحو «واو وّاقد» و «آي يّاء سين» (١).
وإن كان مدغما لم يجز الإدغام ، لأنّ المدّ الذي كان فيه قد زال بالإدغام فصار بمنزلة الساكن الصحيح. فكما لا تدغم إذا كان الساكن صحيحا فكذلك لا تدغم إذا كان معتلّا. وذلك نحو : «وليّ يزيد» و «عدوّ واقد».
والدليل على أنّ المدّ قد زال بالإدغام وقوع «ليّ» و «قوّ» في القوافي مع «ظبي» و «غزو» ، ولو كانت غير مدغمة لم يجز ذلك كما لا يجوز وقوع «عين» في قافية مع
__________________
(١) أي سورة يس.