ومما يدلّ ، على أنّ الألف في «آل» بدل من الهمزة المبدلة من الهاء ، أنّ العرب تجعل اللفظ ، فيه بدل من بدل ، مختصّا بشيء بعينه ؛ ألا ترى أنّ تاء القسم لمّا كانت بدلا من الواو المبدلة من باء القسم لم تدخل إلّا على اسم «الله» ، تعالى ، ولم تدخل على غيره من الأسماء الظاهرة ، ولا دخلت أيضا على مضمر. وكذلك «أسنت الرّجل» لمّا كانت التاء فيه بدلا من الياء المبدلة من الواو ، لأنّ «أسنت» من لفظ «السّنة» ، ولام «سنة» واو ، بدليل قولهم في جمعها : «سنوات» ، جعلوها مختصّة بالدخول في السنة الجدبة ، وقد كان «أسنى» قبل ذلك عامّة ، فيقال «أسنى الرجل» إذا دخل في السنة ، جدبة أو غير جدبة. فكذلك «آل» لمّا لم يضف إلّا إلى الشريف ، فيقال «آل الله» و «آل السلطان» ، بخلاف «الأهل» الذي يضاف إلى الشريف وغيره ، دلّ ذلك على أنّ الألف فيه بدل من الهمزة المبدلة من الهاء ، كما تقدّم. وإنما خصّت العرب ما فيه بدل من بدل بشيء ، لأنّه فرع فرع ، والفروع لا يتصرّف فيها تصرّف الأصل ، فكيف فرع الفرع.
وأبدلت أيضا من الهاء في «هل» ، فقالوا : «أل فعلت كذا» يريدون «هل فعلت كذا». حكى ذلك قطرب ، عن أبي عبيدة. والأصل «هل» ، لأنّه الأكثر.
وأبدلت أيضا من الهاء في «هذا» ، فقالوا : «آذا». قال (١) :
فقال فريق : آأذا إذ نحوتهم |
|
نعم ، وفريق : ليمن الله ما ندري |
أراد «أهذا» فقلب الهاء همزة ، ثم فصل بين الهمزتين بألف.
فأمّا قولهم : «تدرأ» و «تدره» للدّافع عن قومه فليس أحد الحرفين فيهما بدلا من الآخر ، بل هما أصلان ، بدليل مجيء تصاريف الكلمة عليهما. فقالوا «درأه» و «درهه» و «مدرأ» و «مدره».
٥ ـ إبدال الهمزة من العينلم يجىء من ذلك إلّا قولهم «أباب» ، في قولهم «عباب». والأصل العين لأنّ «عبابا» أكثر استعمالا من «أباب». قال (٢) :
أباب بحر ، ضاحك ، زهوق (٣)
إبدال الواو
أمّا الواو فأبدلت من ثلاثة أحرف ، وهي الهمزة والألف والياء
«فتبدل من الهمزة ، باطّراد ، إذا كانت مفتوحة وقبلها حرف مضموم. نحو
__________________
(١) البيت بلا نسبة في مغني اللبيب ص ١٠١ ؛ وفي شرح شواهد المغني ص ١٠٤.
(٢) البيت بلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ١٢١ ؛ والمفصّل ٢ / ٢٥٤.
والضاحك : كناية عن الامتلاء. الزهوق : المرتفع.
(٣) عن الممتع في التصريف ص ٣٢٠ ـ ٣٥٢.