ليس بمشتقّ من «إصار» بل «إصار» تصريف من تصاريفه الدالّة على زيادة يائه.
واعلم أنّه لا يدخل التصريف ، ولا الاشتقاق ، في الأصول المختلفة ، نحو : «لأّال» و «لؤلؤ» ؛ لا ينبغي أن يقال إنّ أحدهما من الآخر ، لأنّ «لأّالا» من تركيب «لء ل» ؛ و «لؤلؤا» من تركيب «لء لء». فـ «لأّال» ثلاثيّ الأصول ، و «لؤلؤ» رباعيّ.
وأمّا الكثرة فأن يكون الحرف ، في موضع ما ، قد كثر وجوده زائدا ، فيما عرف له اشتقاق أو تصريف ، ويقلّ وجوده أصليّا فيه ، فينبغي أن يجعل زائدا ، فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، حملا على الأكثر. وذلك نحو الهمزة ، إذا وقعت أولا وبعدها ثلاثة أحرف ، فإنّها زائدة فيما عرف اشتقاقه ، نحو «أصفر» و «أحمر» ، إلّا ألفاظا يسيرة فإنّ الهمزة فيها أصليّة ، وهي : «أرطى» (١) وفي لغة من يقول : «أديم مأروط». و «أيطل» (٢) لأنّهم يقولون في معناه : «إطل». و «أيصر» و «أولق» و «إمّعة» (٣) على ما يبيّن بعد. فإذا جاءت الهمزة ، فيما لا اشتقاق له ولا تصريف ، نحو «أفكل» (٤) ، وجب حملها على الزيادة ، وألّا يلتفت إلى «أرطى» وأخواته ، لقلّتها ، وكثرة مثل «أحمر».
وأما اللّزوم فأن يكون الحرف ، في موضع ما ، قد لزم الزيادة في كلّ ما عرف له اشتقاق أو تصريف. فإذا جاء ذلك الحرف في ذلك الموضع ـ فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ـ جعل زائدا ، حملا على ما ثبتت زيادته ، بالتصريف أو الاشتقاق. وذلك نحو النون ، إذا وقعت ثالثة ساكنة وبعدها حرفان ـ ولم تكن مدغمة فيما بعدها نحو «عجنّس» (٥) ـ فإنها أبدا زائدة ، فيما عرف له اشتقاق أو تصريف ، نحو «جحنفل» (٦) فإنّه من «الجحفلة» ، و «حبنطى» (٧) لأنّك تقول : «حبط بطنه» ، و «دلنظى» وهو الشديد الدفع تقول «دلظه بمنكبه» إذا دفعه. وكذلك وجدت في كلّ ما عرف اشتقاقه. فإذا جاءت في مثل «عبنقس» (٨) ، مما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، حمل على ما عرف اشتقاقه أو تصريفه ، فجعلت نونه زائدة.
وأما لزوم حرف الزيادة البناء فنحو «حنطأو» (٩) ، و «كنثأو» (١٠) ، و «سندأو» (١١).
__________________
(١) الأرطى : نوع من الشجر يدبغ به.
(٢) الأيطل : الخاصرة.
(٣) الإمعة : الضعيف الرأي الذي لا يثبت على شيء بل يتابع كل واحد في رأيه.
(٤) الأفكل : الرعدة.
(٥) العجنّس : الجمل الضخم.
(٦) الجحنفل : الغليظ الشفة.
(٧) الحبنطى : الممتلىء غيظا.
(٨) العبنقس : السّيّىء الخلق.
(٩) الحنطأو : الوافر اللّحية.
(١٠) الكنثأو : الوافر اللّحية.
(١١) السندأو : الحديد الشديد.