«رمى» لأنّه من الرّمي. ومثال المنقلبة عن الواو ألف «غزا» لأنّه من الغزو. إلّا فيما لا يدخله التصريف ، نحو الحروف ، والأسماء المتوغّلة في البناء ، فإنّه ينبغي أن يقضى على الألف فيه بأنّها أصليّة. إذ لا دليل على جعلها زائدة ، ولا يعلم لها أصل في الياء ، ولا في الواو ، فيقضى على الألف بأنّها منقلبة عن ذلك الأصل. وممّا يبيّن ذلك وجود «ما» و «لا» وأمثالهما ، في كلامهم.
والألف لا تخلو أن يكون معها حرفان أو أزيد ، فإن كان معها حرفان قضيت عليها بأنّها منقلبة من أصل ، إذ لا بدّ من الفاء والعين واللّام ، نحو «رمى» و «غزا».
وإن كان معها أزيد فلا يخلو أن يكون معها ثلاثة أحرف ، مقطوع بأصالتها ، فصاعدا ، أو حرفان مقطوع بأصالتهما ، وما عداهما مقطوع بزيادته ، أو محتمل أن يكون أصلا ، وأن يكون زائدا.
فإن كان معها حرفان مقطوع بأصالتهما ، وما عداهما مقطوع بزيادته ، كانت الألف منقلبة عن أصل ، إذ لا بدّ من ثلاثة أحرف أصول ، كما تقدّم. وذلك نحو «أرطى» (١) في لغة من يقول : «أديم مرطيّ» ؛ ألا ترى أنّ قوله : «مرطيّ» يقضي بزيادة الهمزة ، وإذا ثبتت زيادتها ثبت كون الألف منقلبة عن أصل.
وإن كان ما عداهما محتملا للأصالة والزيادة فلا يخلو أن يكون ميما ، أو همزة في أوّل الكلمة ، أو نونا ثالثة ساكنة فيما هو على خمسة أحرف ، أو غير ذلك من الزوائد.
فإن كان ميما أو همزة أوّلا أو نونا ثالثة ساكنة قضيت على الألف بأنّها منقلبة من أصل ، وعلى الميم أو الهمزة أو النون بالزيادة. وذلك نحو : «أفعى» و «موسى» ، ونحو «عقنقى» إن ورد في كلامهم ، إلّا أن يقوم دليل على أصالتها وزيادة الألف ، وذلك قليل ، لا يحفظ منه إلّا «أرطى» ، في لغة من قال «أديم مأروط» (٢).
فإن قيل : فلأيّ شيء قضيتم بزيادة الميم والهمزة والنون ، وقضيتم على الألف أنّها منقلبة عن أصل؟ فالجواب أنّ الذي حمل على ذلك أشياء :
منها أنّ ما عرف له اشتقاق ، من ذلك ، وجد الأمر فيه على ما ذكرنا ، من زيادة الميم والهمزة والنون ، نحو : «أعمى» و «أعشى» و «ملهى» و «مغزى».
ومنها أنّ الميم والهمزة والنون قد سبقت فقضي عليها بالزيادة لسبقها إلى موضع الزيادة. فلمّا قضي عليها بالزيادة وجب القضاء على الألف بانقلابها عن أصل.
ومنها أنّ الميم والهمزة والنون قد ساوت الألف ، في كثرة الزيادة ، وفضلتها بقوة
__________________
(١) الأرطى : شجر يدبغ بأوراقه.
(٢) الأديم : الجلد. مأروط : مدبوغ.