ينبغي أن تكون الهاء فيه زائدة ، لأنه من «اللّقم». إلا أنّه لا ينبغي أن يجعل مستدركا على سيبويه ، لأنه لا يحفظ في نثر. وأمّا «هبلع» فينبغي أن يجعل من الفوائت.
وأمّا «أهراق» و «أهراح الماشية» فإن الهاء فيهما زائدة ، لأنّهما في معنى «أراق» و «أراح».
فإن قيل : إنما ينبغي أن يجعل هذا من البدل ، لأنّ قياس قول سيبويه في «أسطاع» : إنّ السين عوض من ذهاب حركة العين ، أن يكون الأمر في «أهراق» و «أهراح» كذلك! فالجواب أنه ينبغي أن يجعل ذلك في باب البدل من وجه ، وفي باب الزيادة من وجه وسنبيّن ذلك في باب السين ، إن شاء الله تعالى.
٣ ـ السين : وأمّا السين فتزاد في «استفعل» وما تصرّف منه ، من مضارع ، واسم فاعل ، واسم مفعول ، ومصدر. وتزاد أيضا في الوقف ، لتبيين كسرة الكاف من المؤنّث ، في لغة بعض العرب ، نحو : «مررت بكس» و «أكرمتكس». وزيادتها في هذين المكانين بيّنة ، لا يحتاج إلى إقامة دليل عليها. أمّا في الوقف فلكونها لم تجعل كالجزء مما دخلت عليه ، فبانت لذلك زيادتها. وأمّا في «استفعل» فلكونه أبدا مبنيّا من فعل ثلاثيّ ، فبانت لذلك زيادتها ، لوضوح ردّها إلى الثلاثيّ غير المزيد.
وأمّا «استخذ فلان» ، من قول العرب «استخذ فلان أرضا» ، ففي ذلك قولان : أحدهما أنه يجوز أن يكون في الأصل «اتّخذ» وزنه «افتعل» من قوله تعالى : (لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(١) ، ثم أبدلوا السين من التاء الأولى التي هي فاء الكلمة ، كما أبدلوا التاء من السين في «ستّ» ، لأنّ أصلها «سدس» بدليل قولهم «أسداس».
فلمّا أبدلوا التاء من السين ، فقالوا : «سدت» ، أدغموا الدال في التاء. وإنما جاز ذلك ، لأنّ السين والتاء مهموسان ، فجاز إبدال كلّ واحد منهما من الآخر ، بسبب ذلك.
والآخر أن يكون أصله «استتخذ» على وزن «استفعل» من «تخذ» أيضا ، فحذفت التاء الثانية التي هي فاء الفعل ، استثقالا للمثلين ، كما حذفوا التاء الأولى من «اتّقى» ، كراهية لاجتماع المثلين أيضا ، فقالوا «تقى يتقي». قال الشاعر :
تقوه ، أيّها الفتيان ، إنّي |
|
رأيت الله قد غلب الجدودا (٢) |
يريد : اتّقوه. فعلى هذا تكون السين زائدة. وعلى الأوّل تكون بدلا من أصل.
والصحيح من هذين القولين عندي الثاني ، لأنّه قد ثبت حذف إحدى التائين
__________________
(١) الكهف : ٧٨ ، وهذه قراءة أبي عمرو وابن كثير.
(٢) البيت لخداش بن زهير في سر صناعة الإعراب ١ / ١٩٨ ، وإصلاح المنطق ص ٢٤ ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٣٧١.